×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: فدامتْ لهم المُدَّةُ، ووجدوا من السُّلْطانِ مَعُونَةً على ذلك، ووضعوا السَّيفَ والسَّوطَ على من دون ذلك، فدَرَسَ عِلْمُ السُّنَّةِ والجماعةِ وأَوْهَنُوهُمَا، وصارتا مكتومتين لإِظْهار البِدَع والكلامِ فيها، ولكثرتِهم، واتَّخذوا المجالسَ وأَظهروا رَأْيَهم، ووضعوا فيه الكُتُبَ، وأَطْمَعُوا النَّاسَ، وطلبوا لهم الرِّئَاسةَ، فكانت فتنةٌ عظيمةٌ، لم ينجُ منها إِلاَّ من عَصَمَ اللهُ، فأَدْنَى ما كان يصيب الرَّجلَ من مجالستِهم أَنْ يَشُكَّ في دِيْنِه، أَوْ يتابعهم أَوْ يرى رَأْيَهم على الحقِّ، ولا يدري أَنَّه على الحقِّ أَوْ على الباطل، فصار شاكًّا، لهلك الخلق حتى كان أَيَّامُ جَعْفَرٍ الذي يقال له المُتَوَكِّلُ؛ فأَطْفأَ اللهُ به البِدَعَ، وأَظهر به الحقَّ، وأَظهر به أَهْلُ السُّنَّةِ، وطالت أَلْسِنَتُهم، مع قلَّتهم وكثرةِ أَهْلِ البِدَع إِلى يومنا هذا. 

**********

 لا يصلح له فيتركه، هذه طريقةُ أَهْلِ الأَهْواءِ دائِمًا وليست خاصةً بالجهميَّة، ولكنَّ مصدرَها من الجهميَّة، لكنَّ أَهْلَ الأَهْواءِ جميعًا في أَيِّ وقتٍ هذه طريقتُهم، يأْخذون من الأَدِلَّةِ ما يوافق رغبتَهم، ويتركون ما يخالف رَغْبَتَهم.

قولُه: «فدامت لهم المُدَّةُ، ووجدوا من السُّلْطان مَعُونَةً على ذلك» يشير إِلى عهد المَأْمُونِ وذُرِّيَّتُه، عفا الله عنَّا وعنه حيث غرَّروا به وخدعوه.

قولُه: «ووضعوا السَّيفَ والسَّوطَ على من دون ذلك» يعني تسلَّطوا في عهد المَأْمُونِ على أَهْلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، وهذه نتيجةُ البِطانةِ الخبيثةِ، فيجب على المسلم سواءً كان من وُلاةِ الأُمور أَوْ من غيرِ وُلاة الأُمور 


الشرح