×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

يجب عليه أَنْ لا يتَّخذَ إِلاَّ بِطانةً صالحةً، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةٗ مِّن دُونِكُمۡ يعني: من غيرِكم، ﴿لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالٗا [آل عمران: 118]، فالمسلمُ يتَّخذ بطانةً صالحةً ويُحذِّر من البِطانة السَّيِّئَةِ، لا سيَّما وُلاةُ الأُمور، انظروا ماذا أَحْدَثَتِ البِطانةُ السَّيِّئَةُ للمَأْمُونِ، مع ذكائِه وأَصالتِه وأَنَّه من بَنِي هَاشِمٍ، مع هذا غرَّروا به، وانظروا ماذا فعلت البِطانةُ السَّيِّئَةُ في آخِرِ بَنِي العَبَّاسِ: ابنِ العَلْقَمِيِّ والطُّوسيِّ، ماذا فعلوا بالخليفةِ العَبَّاسِيِّ؟ جرُّوا عليه التَّتَارَ من المَشْرِقِ، أَتَوا بِهم، وفتحوا لهم الطَّريقَ ويسّروا لهم السُّبُلَ حتى قَضَوا على بَغْدَادَ وعلى بلاد المسلمين، وقتلوا المقاتلَ العظيمةَ، وحرَّقوا الكتبَ ووضعوها في نَهْرِ دِجْلَةَ والفُرَات حتى تغيَّر بها المِياهُ، يظنُّون أَنَّهم قَضَوا على الإِسْلام لكنَّ الإِسْلامَ مُؤَيَّدٌ من اللهِ لا يُقضى عليه.

قولُه: «فدرس عِلْمُ السُّنَّة والجماعةِ» يعني: اندثر، لأَنَّ الدُّروسَ: هو الاندثارُ.

قولُه: «وأَوْهَنُوهُمَا» يعني: أَضْعفوا علمَ الكتابِ والسُّنَّةِ، وصار العلمُ عندهم علمُ الجَدَلِ، وعلمُ الكلام، وعلمُ المنطق.

قولُه: «وصارتا مكتومتين لإِظْهار البِدَع والكلامِ فيها» تركوا السُّنَّةِ واشتغلوا بالبِدَع وإِظْهارِ البِدَع والدَّعوةِ لها، وصار أَهْلُ السُّنَّةِ مكتومين.

قولُه: «ولكثرتِهم، واتَّخذوا المجالسَ وأَظْهروا رَأْيَهم» استغلُّوا المجالسَ والمدارس والتَّجمُّعاتِ، فصاروا يظهرون آراءَهم فيها وينشرونها؛ وهكذا أَهْلُ الشَّرِّ إِذا مكَّن لهم فإِنَّهم لا يَأْلُونَ جُهْدًا في القضاءِ على الإِسْلام.


الشرح