×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

 الأُصولِ العظيمةِ: على القُرْآنِ، وعلى السُّنَّةِ، وعلى ما كان عليه جماعةُ المسلمين وهو الإِجْماعُ على الحق، فإِّنه يَفْلِجُ أَهْلَ الباطل يعني: يخصمهم ويكون معه الحقُّ دُوْنَهم، ولو كانوا كثيرين.

قولُه: «واستراح بدنُه وسَلِمَ له دِيْنُه إِنْ شاءَ الله» من كان على الكتاب والسُّنَّةِ ومع جماعةِ المسلمين سَلِمَ له بدنُه ودِيْنُه ولو كان واحدًا، وأَيْضًا ينتصر على أَهْلِ الباطل بالحُجَّة والبُرْهانِ؛ لأَنَّهم ليس عندهم إِلاَّ شُبهاتٌ وتَزْيِيْفٌ.

قولُه صلى الله عليه وسلم: «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي» الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَخْبر خبرًا معناه التَّحْذيرُ، يخبر عن المستقبل وما يحدث من أَجْلِ مصلحةِ المسلمين أَنْ يكونوا على بصيرةٍ، فأَخْبرهم أَنَّه سيحصل اختلافٌ، ويحصل تفرُّقٌ؛ لأَجْلِ أَنْ إِذا حدث هذا أَنْ يكونوا على بصيرةٍ، وأَنْ يأْخذوا حَذَرَهم، ولا يغترُّوا بكثرة المخالفين والمنازعين، ولا يزهدوا في الحقِّ، فهذا من نُصْحِه صلى الله عليه وسلم للأُمَّة، في حديث العِرْبَاضِ بنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه قال: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَةَ الصُّبْحِ، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ،، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا؟ قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي، فَتَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»» ([1])


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (46)، وأحمد رقم (17144).