×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قولُه: «والمنارُ المستنيرُ» كانوا من عاداتِهم يضعون شيئًا مرتفعًا ويضعون عليه النَّار؛ من أَجْلِ أَنْ يهتديَ المسافرون ويُوضع هذا في البحار من أَجْلِ أَنْ تهتديَ السُّفُنُ، ومنارُ الإِسْلام هو الكتابُ والسُّنَّةُ.

فمن سار على هذا المنارِ نَجَا، ومن ترك هذا المنارَ هَلَكَ إِمَّا في بَرٍّ وإِمَّا في بَحْرٍ لأَنَّه في متاهاتٍ، فهذا مثلٌ واضحٌ للتمسُّكِ بالحقِّ.

قولُه صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالتَّعَمُّقَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَطُّعَ» التَّعمُّقُ والتَّنطُّعُ هو الغُلُوُّ والتَّشَدُّدُ في الدِّين، مثل الذي يقول: أَنَا أَصُومُ ولا أُفْطِرُ، والذي يقول: أَنَا أُصلِّي ولا أَنَامُ، والذي يقول: أَنَا لا أَتزوَّجُ النِّساءَ ويتبتَّل، هذا تشدُّدٌُ وتنطُّعٌ، رَدَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وغَضِبَ على من قاله، وبيَّن أَنَّه صلى الله عليه وسلم جاءَ بالوَسَطِ: يصلِّي وينام، ويصومُ ويُفْطرُ عليه الصلاة والسلام، ويتزوَّجُ النِّساءَ، فمن رغِب عن هذه السُّنَّةِ، فإِنَّه تبرَّأ منه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، فالرَّسُولُ تبرَّأَ من المتنطِّعين والمتغالين في العبادة والمتشدِّدين وأَمَرَ بالتوسُّط، وضرب لذلك مثلاً بسُنَّتِه وما هو عليه صلى الله عليه وسلم.

قولُه: «وَعَلَيْكُمْ بِدِينِكُمُ العَتِيقِ» العتيقُ: القديمُ، يعني الدِّينُ الذي عليه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، بأَنْ نتركَ المُحْدثاتِ، ونَأْخُذَ بما تركنا عليه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو الدِّينُ القديمُ الذي جاءَ به الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، ونترك المحدثاتُ والاجتهاداتُ الخاطئَةُ التي يُحْدِثُها النَّاسُ، وإِنْ كانوا يظنُّون أَنَّها زيادةُ خيرٍ، وأَنَّها زيادةُ عملٍ وأَنَّها وأَنَّها، ما دامت مخالفةً لسُنَّةِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فلا خيرَ فيها أَبدًا، هذا هو معنى العتيق: يعني ما كان عليه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وأَصْحابُه، وما كان عليه القدماءُ من الصَّحابة والتَّابعين وأَتْباعِ التَّابعين


الشرح