قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: واعلمْ أَنَّ الدِّينَ العتيقَ: ما كان من وفاة رَسُولِ الله
صلى الله عليه وسلم إِلى قتلِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، وكان قتلُه أَوَّلَ
الفُرْقَةِ وأَوَّلُ الاختلاف، فتحاربت الأُمَّةُ، وتفرَّقتْ واتَّبعت الطَّمَعَ والأَهْواءَ،
والميلَ إِلى الدُّنْيا، فليس لأَحدٍ رُخْصةٌ في شيءٍ أَحْدَثَه، ممَّا لم يكن عليه
أَصْحابُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَوْ يكون رجلٌ يدعو إِلى شيءٍ أَحْدَثَه
مَن قبلَه من أَهْلِ البِدَع، فهو كمَن أَحْدَثَه، فمن زعم ذلك أَوْ قال به فقد رَدَّ
السُّنَّةَ، وخالف الحقَّ والجماعةَ، وأَبَاحَ البِدَعَ، وهو أَضرُّ على هذه الأُمَّةِ
من إِبْلِيْسَ.
**********
والقرونُ المفضَّلةُ، ونترك
المحدثاتِ والتَّجْديداتِ المُبْتكرةِ التي يُتراءَى لأَصْحابِها أَنَّها خيرٌ وهي
ليست بخيرٍ، النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا
بَعْدِي: كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّتِي» ([1])، فأَيُّ عملٍ
وأَيُّ قولٍ لا تأْخذ به حتى تعرضه على الكتاب والسُّنَّةِ، فإن كان موافقًا
للكتابِ وللسُّنَّةِ فخُذْ به، وإِنْ كان مخالفًا فاتْرُكْه ولا تلتفتْ إِليه.
قولُه: «واعلمْ أَنَّ الدِّينَ العتيقَ: ما كان من وفاةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِلى قتلِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ رضي الله عنه » يعني: أَنَّ الجماعةَ الصَّافيةَ التي لم يحصل فيها اختلافٌ هي ما كان في عهد الخلفاءِ الثَّلاثةِ: أَبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمَانَ، لأَنَّه في فترة الخلفاءِ الثَّلاثة ما حصل اختلافاتٌ، وكان المسلمون جماعةً واحدةً متَّفقين على الحقِّ، فلمَّا حصل مقتلُ عُثْمَانَ رضي الله عنه حينئِذٍ انفتح للنَّاس بابُ الخِلاف والشُّرورِ والفِتَنِ، بمَقْتَلِه رضي الله عنه.
([1]) أخرجه: الدارقطني رقم (4606)، والبزار رقم (8993)، والحاكم رقم (319).