قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: واعلمْ أَنَّه ليس بين العبدِ وبينَ أَنْ يكونَ مؤمنًا حتى
يصيرَ كافرًا؛ إِلاَّ أَنْ يجحدَ شيئًا ممَّا أَنْزَلَهُ اللهُ، أَوْ يزيدَ في كلامِ
الله، أَوْ ينقصَ، أَوْ يُنْكِرَ شيئًا ممَّا قال اللهُ عز وجل، أَوْ شيئًا مما تكلَّم
به رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم.فاتَّق اللهَ رحمك اللهُ وانْظُرْ لنفسَك وإِيَّاكَ
والغُلُوَّ في الدِّين فإِنَّه ليس من طريق الحقِّ في شيءٍ.
**********
قولُه: «واعلمْ أَنَّه ليس بين العبدِ وبينَ أَنْ
يكونَ مؤمنًا حتى يصيرَ كافرًا؛ إِلاَّ أَنْ يجحدَ شيئًا ممَّا أَنْزَلَهُ اللهُ»
يعني أَنْ نواقضَ الإِسْلام كثيرةٌ، قد يكون الإِنْسانُ مسلمًا صحيحَ الإِسْلام
مؤمنًا صادقًا، لكن - والعياذُ بالله - قد يرتدُّ عن دِيْنِه بارتكابِ ناقضٍ من
نواقضِ الإِسْلام، وهي كثيرةٌ، يجمعها أَرْبعةُ أَنْواعٍ: القولُ، والفعلُ، والاعتقادُ،
والشَّكُّ.
الأَوَّلُ: القولُ: قولُ كلمة الكفر، إِذا قال كلمةَ الكفر غيرَ مُكْرَهٍ
يُكفَّر، قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ قَالُواْ
كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ وَكَفَرُواْ بَعۡدَ إِسۡلَٰمِهِمۡ﴾ [التوبة: 74]؛
كأَنْ يدعو غيرَ الله، يستغيث بغير الله فيما لا يقدر عليه إِلاَّ اللهُ من
الأَمْوات وغيرِهم؛ يكفَّر بذلك، لأَنَّه دعا غيرَ الله، أَوْ يتكلَّم بكلامٍ فيه
سُخْريَّةٌ بالدِّين، أَوْ بالكتابِ أَوِ السُّنَّةِ، قال تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ
لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ
وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ﴾ [التوبة: 65]، فالذي
يستهزئُ بالسُّنَّة أَوْ بالقُرْآنِ يكفَّر ولو كان مازحًا ما لم يكن مُكْرَهًا،
قال تعالى: ﴿مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ
مِنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾ [النحل: 106]،
أَمَّا من قال هذا مختارًا فإِنَّه يُكفَّر.