×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

 فلا تُقْبَلُ؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([1]) أَيْ: مردودٌ عليه، لا يقبل، فيكون لصاحبه التَّعَبُ والضَّلالُ ولا يُؤْجَرُ على عملِه، نسأَل اللهَ العافية.

ومرادُ المُصَنِّف هنا بقوله: «أَنَّ أُصولَ البِدَع أَرْبعةُ أَبْوابٍ» الظَّاهرُ -والله أعلم- أَنَّه يُقْصدُ أُصولُ الفِرَق التي أَخْبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن حُدوثِها، في قوله صلى الله عليه وسلم: «تَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُْمَّةُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً»، قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَنْ كَانَ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي» ([2]) هذه هي الفِرْقَةُ النَّاجيةُ التي بقيتْ على السُّنَّةِ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ» ([3]) فأَخْبر صلى الله عليه وسلم أَنَّ هذه الأُمَّةَ ستفترق كما افترقت الأُمَمُ اليَهُودُ والنَّصَارَى قبلَها، وهذا الإِخْبارُ من باب التَّحْذيرِ، والحَثِّ على لزوم السُّنَّةِ عند حدوثها، وأَنَّه لا نجاةَ بدون السُّنَّةِ، ومن ترك السُّنَّةَ وصار مع الفِرَق صار في النَّار، فالفِرَقُ التي ظهرت كثيرةً جدًّا، ولكنَّ أُصُولَها أَرْبعُ فِرَقٍ:

الفِرْقَةُ الأُوْلى: فِرْقَةُ الشِّيْعة:

وأَوَّلُ ما حدثت بمقتلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه حينما جاءَ عَبْدُ اللهِ بنِ سَبَإٍ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2550)، ومسلم رقم (1718).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2641)، والمروزي في «السنة» رقم (59)، والطبراني في «الكبير» رقم (62).

([3])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (46)، وأحمد رقم (17144).