النَّار، وطرحهم فيها
وهُمْ أَحْياءٌ، يُرْوَى عنه أَنَّه قال:
لمَّا رَأَيْتُ الأَمْرَ أَمْرًا مُنْكَرًا **** أَجَجْتُ
نَارِي ودَعَوْتُ قَنْبَرَا ([1])
وقَنْبَرُ: هو خادمُه، فحرَّقهم بالنَّار لمَّا قالوا له: «أَنْتَ هو أَنْتَ هو»، وكان ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه يرى أَنَّه
يجب قتلَهم بالسَّيف ولا يحرَّقون بالنَّار؛ لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
قال: «لاَ يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلاَّ
رَبُّ النَّارِ» ([2])، فكان لا يمانع في
قتلِهم، ولكنْ يقول: «أَرَى أَنْ
يُقْتَلُوا بالسَّيْفِ بَدَلَ النَّارِ».
ونشأَتْ من هذه الفِرَقِ الشِّيْعيَّةِ فِرَقٌ كثيرةٌ، تشعَّبت منهم.
الفِرْقةُ الثَّانيةُ: فرقةُ القدريَّة:
الذين يُنكرون القَدَرَ، وقد ظهرتْ في أَواخرِ عصرِ الصَّحابة، وهُمْ
قسمان:
الأَوَّلُ: قَدَرِيَّةٌ جبريَّةٌ، غُلاةٌ في إِثْبات القَدَر.
الثاني: قَدَرِيَّةٌ نُفاةٌ؛ ينفون القَدَرَ، وهُمُ المعتزلةُ ومن سار في رِكابِهم، الذين يقولون: إِنَّ العبدَ يخلق فِعْلَ نفسِه، وأَنَّ اللهَ لم يخلق أَفْعالَ العباد، وإِنَّما هُمْ خلقوها، بينما خصومُهم الجبريَّةُ يقولون: فِعْلُ العبدِ هو فِعْلُ الله، والعبادُ مُجْبَرُونَ على ما يقولون ويفعلون ليس لهم اخْتيار، والمعتزلةُ يقولون: لهم اختيارٌ مستقلٌّ؛ فلذلك إِذا أُطلق القدريَّةُ انصرف إِلى المعتزلةِ ومن قال بنفي القَدَرِ، فهم ينفون القَدَرَ، والجبريَّةُ يثبتون القَدَرَ ويغلون فيه، حتى يقولون: إِنَّ العبدَ مُجْبَرٌ،
([1]) أخرجه: ابن الأعرابي في «معجمه» رقم (67).