×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

 النَّار، وطرحهم فيها وهُمْ أَحْياءٌ، يُرْوَى عنه أَنَّه قال:

لمَّا رَأَيْتُ الأَمْرَ أَمْرًا مُنْكَرًا **** أَجَجْتُ نَارِي ودَعَوْتُ قَنْبَرَا ([1])

وقَنْبَرُ: هو خادمُه، فحرَّقهم بالنَّار لمَّا قالوا له: «أَنْتَ هو أَنْتَ هو»، وكان ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه يرى أَنَّه يجب قتلَهم بالسَّيف ولا يحرَّقون بالنَّار؛ لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلاَّ رَبُّ النَّارِ» ([2])، فكان لا يمانع في قتلِهم، ولكنْ يقول: «أَرَى أَنْ يُقْتَلُوا بالسَّيْفِ بَدَلَ النَّارِ».

ونشأَتْ من هذه الفِرَقِ الشِّيْعيَّةِ فِرَقٌ كثيرةٌ، تشعَّبت منهم.

الفِرْقةُ الثَّانيةُ: فرقةُ القدريَّة:

الذين يُنكرون القَدَرَ، وقد ظهرتْ في أَواخرِ عصرِ الصَّحابة، وهُمْ قسمان:

الأَوَّلُ: قَدَرِيَّةٌ جبريَّةٌ، غُلاةٌ في إِثْبات القَدَر.

الثاني: قَدَرِيَّةٌ نُفاةٌ؛ ينفون القَدَرَ، وهُمُ المعتزلةُ ومن سار في رِكابِهم، الذين يقولون: إِنَّ العبدَ يخلق فِعْلَ نفسِه، وأَنَّ اللهَ لم يخلق أَفْعالَ العباد، وإِنَّما هُمْ خلقوها، بينما خصومُهم الجبريَّةُ يقولون: فِعْلُ العبدِ هو فِعْلُ الله، والعبادُ مُجْبَرُونَ على ما يقولون ويفعلون ليس لهم اخْتيار، والمعتزلةُ يقولون: لهم اختيارٌ مستقلٌّ؛ فلذلك إِذا أُطلق القدريَّةُ انصرف إِلى المعتزلةِ ومن قال بنفي القَدَرِ، فهم ينفون القَدَرَ، والجبريَّةُ يثبتون القَدَرَ ويغلون فيه، حتى يقولون: إِنَّ العبدَ مُجْبَرٌ،


الشرح

([1])  أخرجه: ابن الأعرابي في «معجمه» رقم (67).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (2673)، وأحمد رقم (16034).