×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

 فهؤُلاءِ ينفون القَدَرَ، وأُولئِك يغلون في إِثْباته، وكلُّهم يُطلق عليهم القدريَّةُ، وقد تشعَّبوا إِلى فِرَقٍ كثيرةٍ.

الفِرقةُ الثَّالثةُ: فرقةُ الخوارج:

الذين يخرجون على وَلِيِّ الأَمْرِ المسلمِ، ويشقُّون عصا الطَّاعة، ويكفِّرون بالكبائِرِ التي دون الشِرْك، ويستحلُّون دماءَ المسلمين، وهم أَهْلُ الغُلُوِّ والتَّطرُّفِ في الدِّين، عندهم دِيْنٌ وعندهم عبادةٌ وعندهم خوفٌ من الله، صيامٌ وقيامٌ وتلاوةُ قرآنٍ ولكن على غيرِ فِقْهٍ، وعلى غيرِ بصيرةٍ؛ ولذلك ضلُّوا والعياذُ بالله، وشقُّوا عصا الطَّاعة وخرجوا على أَمِيْرِ المؤمنين عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وحصلت له معاركُ معهم، ونصرهُ الله عليهم، وما زالوا يخرجون على وُلاة الأُمور، ويستحلُّون دماءَ المسلمين، ويكفِّرون بالكبائِرَ التي دون الشِّرْك، ويُسمُّون بـ«الوعيديَّة»؛ لأَنَّهم يعملون آياتِ الوعيد من غيرِ فرقٍ بين كبيرةِ الشِّركِ والكفرِ، وكبيرةِ المعاصي كلُّ أَصْحابِها كفارٌ عندهم، ولا يكفي أَنَّهم يكفِّرونهم بل يستحلُّون دماءَهم، ويقاتلون المسلمين، ولا يقاتلون الكفارَ؛ ولهذا قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في صفتِهم: «يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ» ([1])، فما ذُكِرَ أَنَّ الخوارجَ قاتلوا الكفارَ أَبدًا، وإِنَّما يقاتلون المسلمين، وهُمْ فِرَقٌ بعضُها أَشدُّ من بعضٍ.

الفِرقةُ: تقابل فِرقةُ الخوارج وهُمُ المُرْجِئَةُ: الذين ينفون دخولَ الأَعْمال في الإِيْمان، يقولون: العملُ لا يدخل في الإِيْمان،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3166)، ومسلم رقم (1064).