×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

 فالإِنْسانُ مؤمنٌ ولو لم يعملْ، ولو ترك العملَ كلَّه فهو مؤمنٌ، سُمُّوا مُرْجِئَةً من الإِرْجاءِ وهو التَّأْخيرُ؛ لأَنَّهم أَخَّرُوا العملَ عن مسمَّى الإِيْمان، وهُمْ فِرَقٌ:

أَشدُّهم الجهميَّةُ: الذين يقولون: إِنَّ الإِيْمانَ هو مُجَرَّدُ المعرفة في القلب، فإِذا عرف بقلبِه فهو مؤمنٌ ولو لم يعتقدْ.

الفِرقةُ الثَّانيةُ من المُرْجِئَةِ: الأَشاعرةُ، الذين يقولون: الإِيْمانُ: هو الاعتقادُ بالقلب، ولا يدخل فيه قولُ اللِّسان، ولا عملُ الجوارح، يكفي أَنَّه يعتقد بقلبِه فقط.

الفِرقةُ الثَّالثةُ: الكراميَّة، الذين يقولون: إِنَّ الإِيْمانَ هو النُّطْقُ باللِّسان ولو لم يعتقدْ بقلبِه.

الفِرقةُ الرَّابعةُ: مُرْجِئَةُ الفقهاءِ، الذين يقولون: الإِيْمانُ هو الاعتقادُ بالقلب مع النُّطْق باللِّسان ولو لم يعمل.

كلُّهم يتَّفقون على أَنَّ العملَ لا يدخل في الإِيْمان، لكن يختلفون في مذاهبِهم في عملِ القلبِ وقولِ اللِّسان.

فالخوارجُ: غلوا في إِدْخال العمل في حقيقة الإِيْمان، وقالوا: من ترك العملَ يُكفَّر مطلقًا، والمُرْجِئَةُ على العكس غلوا في نفي العمل عن حقيقة الإِيْمان وقالوا: لا يُكفَّر من ترك العملَ مطلقًا.


الشرح