فالإِنْسانُ مؤمنٌ ولو لم
يعملْ، ولو ترك العملَ كلَّه فهو مؤمنٌ، سُمُّوا مُرْجِئَةً من الإِرْجاءِ وهو
التَّأْخيرُ؛ لأَنَّهم أَخَّرُوا العملَ عن مسمَّى الإِيْمان، وهُمْ فِرَقٌ:
أَشدُّهم الجهميَّةُ: الذين يقولون: إِنَّ الإِيْمانَ هو مُجَرَّدُ المعرفة
في القلب، فإِذا عرف بقلبِه فهو مؤمنٌ ولو لم يعتقدْ.
الفِرقةُ الثَّانيةُ من المُرْجِئَةِ: الأَشاعرةُ، الذين يقولون:
الإِيْمانُ: هو الاعتقادُ بالقلب، ولا يدخل فيه قولُ اللِّسان، ولا عملُ الجوارح،
يكفي أَنَّه يعتقد بقلبِه فقط.
الفِرقةُ الثَّالثةُ: الكراميَّة، الذين يقولون: إِنَّ
الإِيْمانَ هو النُّطْقُ باللِّسان ولو لم يعتقدْ بقلبِه.
الفِرقةُ الرَّابعةُ: مُرْجِئَةُ الفقهاءِ، الذين يقولون: الإِيْمانُ
هو الاعتقادُ بالقلب مع النُّطْق باللِّسان ولو لم يعمل.
كلُّهم يتَّفقون على أَنَّ العملَ لا يدخل في الإِيْمان، لكن يختلفون في
مذاهبِهم في عملِ القلبِ وقولِ اللِّسان.
فالخوارجُ: غلوا في إِدْخال العمل في حقيقة الإِيْمان، وقالوا: من ترك العملَ
يُكفَّر مطلقًا، والمُرْجِئَةُ على العكس غلوا في نفي العمل عن حقيقة الإِيْمان
وقالوا: لا يُكفَّر من ترك العملَ مطلقًا.