قولُه: «كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ
وَاحِدَةً» كلُّها بتشعُّباتِها في النَّار، لأَنَّهم اتَّبعوا الهوى، وتركوا
ما كان عليه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأَصْحابُه الذي هو النَّجاةُ، لكنَّ
كونَهم في النَّار لا يقتضي أَنَّهم كلَّهم كفارٌ، فالنَّار قد يدخلها العاصي ولو
لم يكنْ كافرًا، دخولاً مُؤَقَّتًا ثم يخرج من النَّار، أَمَّا من كانتْ مفارقتُه
مكفِّرةً فإِنَّه يكون خالدًا مُخلَّدًا في النَّار.
قولُه: «وهو من آمَن بما في هذا الكتابِ،
واعتقده من غيرِ رِيْبةٍ في قلبِه، ولا شكوكٍ» هذا الكتابُ الذي هو «شرح السُّنَّة للبربهاري» إِنَّما هو
توضيحٌ لما في الكتابِ والسُّنَّةِ، وذِكْرٌ لأُصولِ أَهْلِ السُّنَّةِ والجماعةِ،
فهذا الكتابُ كما سمَّاه «شرحَ أُصولِ
أَهْل السُّنَّة والجماعةِ» وهو مأْخوذٌ من الكتاب والسُّنَّةِ وما عليه سلفُ
الأُمَّة، «من غير ريبةٍ في قلبِه»
أَمَّا من كان يُظْهِرُ الإِيْمانَ بالأُصول ولكنْ عنده رِيْبَةٌ في قلبِه، أَوْ
شكٌّ في قلبِه، فهذا لا يكون مؤمنًا، يكون مرتابًا - والعياذُ بالله - متردِّدًا،
ويكون من أَهْلِ النِّفاق، فلابدَّ أَنْ يصدقَ بقلبِه ما يقوله لسانُه من الحقِّ،
فهو لا يقصد رحمه الله تزكيةَ كتابِه، كما يظنُّه بعضُهم، وإِنَّما قصدُه تزكيةُ
ما تضمَّنه من أُصولِ أَهْلِ السُّنَّة والجماعةِ.
قولُه: «فهو صاحبُ سُنَّةٍ، وهو النَّاجي إِنْ شاءَ الله» من اتَّبع الكتابَ والسُّنَّةَ مع اليقين والإِيْمانِ في قلبِه، فإِنَّه من الفِرْقةِ النَّاجيةِ، لأَنَّه ينطبق عليه قولُ الرَّسول صلى الله عليه وسلم لمَّا سُئِلَ عن الفِرْقة النَّاجية، قال: «مَنْ كَانَ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ، وَأَصْحَابِي»، وفي روايةٍ: «مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي» ([1]).
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2641)، والمروزي في «السنة» رقم (59)، والطبراني في «الكبير» رقم (62).