هواه هذا مثلُ أَهْلِ
الكتابِ، قال تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا
جَآءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰٓ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِيقٗا
كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ﴾ [البقرة: 87]، هذه سيرةُ
كفَّارِ أَهْلِ الكتابِ أَنَّهم إنما يأْخذون عن الأَنْبياءِ ما يوافق أَهْواءَهم،
وما خالف أَهْواءَهم ممَّا جاءَتْ به الأَنْبياءُ فإِمَّا أَنْ يُكذِّبوا به،
وإِمَّا أَنْ يقتلوا النَّبيَّ الذي جاءَ به، وقد قَتَلُوا من الأَنْبياءِ من
قَتَلُوا؛ لأَنَّهم خالفوا أَهْواءَهم، وقال تعالى: ﴿كُلَّمَا
جَآءَهُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰٓ أَنفُسُهُمۡ فَرِيقٗا كَذَّبُواْ
وَفَرِيقٗا يَقۡتُلُونَ﴾ [المائدة: 70]، هذه طريقتُهم، فالذي يأْخذ من الكتابِ
والسُّنَّةِ ما يوافق هواه ويُؤَيِّدُ منهجَه وطريقتَه ويرفضُ ما خالف هواه
ومنهجَه، هذا مثل هؤُلاءِ، يؤمن ببعضِ الكتابِ ويكفر ببعضٍ، ولا ينفعه أَنَّه عملَ
ببعض الكتاب؛ لأَنَّه كافرٌ بالجميع.
قولُه: «فقد رَدَّ جميعَ ما قال اللهُ
وهو كافرٌ» من رَدَّ حرفًا من القُرْآنِ فهو كافرٌ، لو مثلاً: في قوله تعالى: ﴿قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ﴾ [ق: 1]، قال: ﴿قٓۚ﴾ هذه ليستْ من
القُرْآنِ،﴿وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ﴾ تكفي، مثل من قال: ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]،
نقول: ﴿قُلۡ هُوَ
ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ فقال: ﴿قُلۡ﴾، هذه ليستْ من
القُرْآنِ، فهذا كافرٌ- والعياذُ بالله - لأَنَّه رَدَّ كلمةً من كلامِ الله، أَوْ
رَدَّ حرفًا.
قولُه: «كما أَنَّ شهادةَ: أَنْ لا
إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، لا تُقْبَلُ من صاحبِها إِلاَّ بصِدْقِ النِّيَّةِ وخالصِ
اليقين» «لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ»
هي كلمةُ الإِخْلاص، وكلمةُ التَّقْوى، والعُرْوَةُ الوُثْقى، ومفتاحُ الجَنَّةِ،
لكن لا تنفع صاحبَها إِلاَّ بسبعةِ شروطٍ أَوْ ثمانيةٍ نَظَمَها العلماءُ بقولِهم:
علمٌ يقينٌ وإخْلاصٌ وصِدْقُك **** مع محبَّةٍ وانْقيادٍ
والقبولِ لها