فلو قلت: اللهُ إِلَهٌ. ما
كفى هذا، ولو قلت: لا إِلَهَ، هذا نفيٌ فقط؛ لأَنَّك جحدتَ الآلهةَ نهائِيًا، تكون
من الذين يجحدون الآلهةَ نهائِيًا معناها: ليس في الكون إِلَهٌ.
أَمَّا الصُّوفيَّةُ الذين يقولون: «اللهُ
اللهُ» أَوْ «هو هو» هذا كلامٌ
باطلٌ وهذيان، ولا يفيد شيئًا، فلا بدَّ من قول: «لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» بالنَّفْيِ والإِثْباتِ، وهو معنى قوله
تعالى: ﴿فَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ
وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ﴾ [البقرة: 256]، ﴿فَمَن
يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ﴾ هذا النَّفْيُ، ﴿وَيُؤۡمِنۢ
بِٱللَّهِ﴾ هذا الإِثْبات.
قولُه: «كذلك لا يقبل اللهُ شيئًا من
السُّنَّةِ في ترك بعضٍ»؛ كما أَنَّه لا يصح الإِيْمانُ ببعض القُرْآنِ وتركُ
بعضِه ولو آيةً أَوْ حرفًا؛ فكذلك السُّنَّةُ لا يصحُّ الإِيْمانُ بها إِلاَّ إِذا
آمَنَ بها جميعًا، فلا يجحد شيئًا ممَّا صحَّ عن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم؛
لأَنَّ هذا من مقتضى شهادةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله؛ أَنْ تعملَ بسُنَّتِه
وتطيعُه وتترك ما نهاك عنه، هذا من مقتضى شهادةِ أَنَّه رَسُولُ الله، أَمَّا لو
شهِد أَنَّه رَسُولُ الله، ولكنْ لم يؤمنْ بما جاءَ به، وبما قاله من الأَحاديث،
أَوْ رَدَّ بعضَ الأَحاديث وهي صحيحةٌ؛ لأَنَّها لا توافق هواه، أَوْ لا تنطبق على
منهجِه، فهذا كافرٌ بالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فهو من الذي قال اللهُ فيهم ﴿كُلَّمَا جَآءَهُمۡ
رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰٓ أَنفُسُهُمۡ فَرِيقٗا كَذَّبُواْ وَفَرِيقٗا
يَقۡتُلُونَ﴾ [المائدة: 70]، فلا بدَّ أَنْ تؤمنَ بجميع السُّنَّة،
ما يوافق هواك وما يخالف هواك، ما يوافق منهجَك وما يخالف منهجَك، ويجب أَنْ
تُؤَسِّسَ منهجَك على الكتابِ والسُّنَّةِ، لا تُؤَسِّسَهُ على الهوى،