فالنَّفْيُ قيل: إِنَّه
نَفْيٌ للصِّحَّةِ، وقيل: «فَلاَ صَلاَةَ
لَهُ» يعني: ليس له صلاةٌ كاملةٌ، فالنَّفْيُ للكمال، ولكنَّ ظاهرَ الحديثِ
أَنَّه لا تصحُّ صلاتُه إِلاَّ إِذا كان له عُذْرٌ فهذا دليلٌ على وجوبِ صلاةِ
الجماعة في المسجدِ حيث يُنادى لها؛ ولهذا يقول عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا
مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ،
فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى،
وَإِنَّهُنَّ مَنْ سُنَنَ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ
كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ
نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَلَقَدْ
رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ،
وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى
يُقَامَ فِي الصَّفِّ» ([1]) هكذا كان صحابةُ
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مع صلاة الجماعةِ، حتَّى المريضِ الذي لا يستطيع
المشيَ يَأْتُونَ به يُهادُونَه بين رجُلَيْنِ حتى يقامَ في الصَّفِّ؛ لعلمِهم
أَنَّ صلاةَ الجماعةِ واجبةٌ.
والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَصَفَ المتخلِّفين عن صلاةِ الجماعة
بالنِّفاق، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ
أَثْقَلَ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاَةُ الْعِشَاءِ وَصَلاَةُ
الْفَجْرِ» ([2]).
وشَهِدَ اللهُ بالإِيْمانِ لمَنْ يَعْمُرُ المساجدَ بالصَّلاة قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ﴾ [التوبة: 18].