فصلاةُ الجماعةِ أَمْرُهَا عظيمٌ فلا يتساهل بها، أَوْ يَلْتَفِتُ إِلى من
يُثبِّطُ عنها، لماذا إِذًا بُنِيَتَ المساجدَ؟ لو كانت صلاةُ الجماعةِ ليست
واجبةً، لماذا تُقام المساجدُ ويُنْفَقُ عليها وتُبْنَى بنفقات ويُرَتَّبُ لها
الأَئِمَّةُ والمُؤَذِّنُونَ لماذا؟ هلْ من أَجْلِ أَنَّها سُنَّةٌ؟ لا، هذا يدلُّ
على أَنَّ صلاةَ الجماعة واجبةٌ لم تُبْنَ المساجدَ من أَجْلِ سُنَّةٍ فقط،
إِنَّما بُنِيَتْ لأَجْلِ واجبٍ، فيجب التَّنبُّهُ لهذا، ولا يلتفت إِلى هَذَيَانِ
هؤُلاءِ الذين يأْخذون الأَقْوالَ المخالفةَ للدَّليل ويجمعونها ويقولون: هذه
أَقْوالُ العلماءِ، نقول: أَقْوالُ العلماءِ تُخْطِئُ وتُصِيْبُ، فالواجبُ
اتِّباعُ الدَّليل لا اتِّباعُ أَقْوالِ النَّاس.
قولُه: «وَمَنْ تَرَكَ صَلاَةَ الجُمُعَةِ»
قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَرَكَ
ثَلاَثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا، طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ» ([1])، وقال صلى الله
عليه وسلم: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ
عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ
لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ» ([2]).
قولُه: «والعُذْر: كمرضٍ»؛ كما في آخر الحديث قال: «خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ» المرضُ الذي يعوق الإِنْسانُ من الذَّهاب إِلى المسجدِ أَوْ يخشى لزيادة المرض عليه، أَوِ التَّعرُّضِ لمُؤَثِّرٍ يزيد في مرضِه، أَوْ خوفٍ من عَدُوٍّ، أَوْ خوفٍ من سَبُعٍ، خوفٍ محقَّقٍ وليس جبنًا، وإِنَّما هو خوفٌ محقَّقٌ، في الطَّريق يعترضه عَدُوٌّ أَوْ يعترضه سَبُعٌ يَفْتِكُ به، فهذا له عُذْرٌ أَنْ يُصلِّي في بيتِه، أَمَّا الآمِنُ والمعافى فليس له عُذْرٌ.
([1]) أخرجه: أخرجه: أبو داود رقم (1052)، والنسائي رقم (1369)، وأحمد رقم (15498).