فأدلَّة الشرعِ مُترابِطة
بَعضها ببَعْضٍ، والأحكَام الشرعيَّة مُترابطة والذِي يقطعُ الصِّلة بينها يَقطع
ما أمرَ اللهُ به أن يُوصَل، ويكُون من الذِين قالَ اللهُ فِيهم: ﴿وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ
عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ
أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ
سُوٓءُ ٱلدَّارِ﴾ [الرعد: 25]، والعِياذ باللهِ.
قولُه: «ولا تَقِسْ شيئًا» المُراد:
القِياس البَاطِل.
مثلاً: قالَ اللهُ جل وعلا: ﴿وَٱلَّذِينَ
يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ
أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ
عَلَيۡكُمۡ فِيمَا فَعَلۡنَ فِيٓ أَنفُسِهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَٱللَّهُ بِمَا
تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ﴾ [البقرة: 234]، وفي الآيةِ التِي بعدَها قالَ: ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ
مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا وَصِيَّةٗ لِّأَزۡوَٰجِهِم مَّتَٰعًا إِلَى ٱلۡحَوۡلِ
غَيۡرَ إِخۡرَاجٖۚ فَإِنۡ خَرَجۡنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِي مَا فَعَلۡنَ
فِيٓ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعۡرُوفٖۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ﴾ [البقرة: 240] جعلَ
عِدَّة الوَفَاة سنةً كاملةً، بأيِّ الآيتينِ تَأخذ؟
العلماءُ جَمعُوا بين الآيتينِ بأن الآيةَ الأخيرةَ هذه كانتْ في أَوَّل
الأمرِ، كانَ في أَوَّل الأمرِ المُتَوَفَّى عنها تَبْقَى في بَيْتِها سنةً كاملةً
في العِدَّة، ثم خَفَّفَ اللهُ جل وعلا فأنزلَ قَوله تَعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ
يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ
أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ﴾ يعني: بلغنَ أربعةَ أشهرٍ وعشرًا،﴿فَإِذَا بَلَغۡنَ
أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا فَعَلۡنَ فِيٓ أَنفُسِهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ﴾ لا جُناحَ أن تَخرج
من العِدَّة وتَتَزوَّج وتَتَزيَّن وتَتطيَّب؛ لأنها انتهتْ عِدَّتُها.