ومن
قالَ: الإيمانُ قولٌ وعملٌ يَزيد ويَنقص، فقد خَرَجَ من الإرجاءِ أوَّله وآخِره.
ومن
قال: الصَّلاة خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وفَاجِر، والجِهاد مع كُل خليفةٍ، ولم يَرَ الخُروج
على السُّلْطَان بالسَّيْف، ودَعَا لهم بالصَّلاَح، فقد خَرَجَ من قولِ الخَوَارِج
أوَّله وآخِره.
ومن
قال: المَقادِير كُلها من اللهِ عز وجل، خَيرها وشَرّها، يُضِلّ من يَشاء، ويَهدِي
من يَشاء فقد خرجَ من قولِ القَدَرِيَّة أوَّله وآخِره، وهو صَاحِب سنَّة.
**********
قولُه: «ومن قالَ: الإيمانُ قولٌ وعملٌ يَزيدُ
ويَنقصُ، فقد خَرَجَ من الإرجاءِ أوَّله وآخِره» لما ذكرَ أن المُرْجِئَة من
أصولِ الفِرَق الضالَّة بَيَّنَ مَذهب أهلِ السنَّة والجَماعة وأنه ضِدّ مَذهبهم،
لأن أهلَ السنَّة يَرَوْن أن الإيمانَ قَولٌ وعملٌ واعتقادٌ وأنه يَزيد ويَنقص؛
كما دَلَّتْ على ذلك الأدلَّة من كتابِ اللهِ وسنَّة رسُوله صلى الله عليه وسلم
بخِلاف مَذهب المُرْجِئَة الذِين يَرَوْن أن العَمَل ليس دَاخِلاً في حَقيقةِ
الإيمانِ.
قولُه: «ومَن قالَ: الصَّلاة خَلف كُل
برٍّ وفَاجر، والجِهاد مع كُل خليفةٍ، ولم يَرَ الخُروج على السُّلطان بالسيفِ،
ودَعَا لهم بالصلاَح» هَذا بريءٌ من فِرْقَة الخَوَارِج؛ لأنه ذكَر الفِرَق
الأربعَ، فمن التزمَ بالسمعِ والطاعةِ لوَلِيّ أمرِ المُسلمين، ولم يَخرُج عليه
بسببِ خطأٍ أخطأَ فيه وهو دُون الكفرِ، أو مَعصيةٍ وقعَ فيها وهي دُون الكفرِ.
لِهذا فهَذا مَذهب أهلِ السنَّة والجَماعة، وهو الصَّلاة خَلف الأمراءِ من
المُسلمين، والجِهاد معهم في سَبيل اللهِ، والدُّعاء لهم بالصلاَح