قالَ: «وإذا رأيتُ رجلاً من أهلِ
البدعِ فكأنمَا أَرى رجلاً من المُنافقينَ» إذا رأيتُ رجلاً من أهلِ البِدَع
والأهواءِ المُخالفين لأهلِ السنةِ فكأنما رأيتُ رجلاً من المُنافقين الذِين
كَانوا يَدَّعُون الإسلامَ في الظاهرِ وهم كُفَّار في البَاطِن يُرِيدون
المُخادعةَ، فأهلُ الأهواءِ وأهلُ البِدَع فيهم شبهٌ من المُنافقين؛ لأنهم
يُظهِرون الإسلامَ ولكنهم يبْتَدِعون ولا يَتَّبِعون السنةَ، هذه صِفة المُنافقين.
4- قول يُونس بن عُبَيْد رحمه الله: «العَجَب
مِمَّن يَدعُو اليومَ إلى السنةِ، وأعجبُ منه المُجِيب إلى السنةِ» صَارت
السنةُ غريبةً، غَريبًا من يَدعُو إليها، وأغربُ منه مَن يَعمل بها، فلا شَكَّ أنه
يَأتي أزمانٌ تكونُ السنةُ غريبةً في أهلِها، وكلَّما تأخَّر الزمانُ صارتِ
السُّنة غريبةً، وأهلُ السنةِ غُرَبَاء؛ ولهذا قالَ صلى الله عليه وسلم: «بَدَأَ الإِْسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ
غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» قِيلَ: مَنِ الْغُرَبَاءُ يَا
رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِينَ
يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ» ([1])، وفي روايةٍ: «يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ» ([2]).
هؤلاء هم الغُرَباء في آخِر الزمانِ إذا فسدَ الناسُ فهم يتمسَّكون بالسنةِ، ويَصْبِرُون على ما نالَهم من الأَذَى، ويَصْبِرون على الغُرْبَة بين الناسِ؛ لأن الذِين يُخالفونهم كَثِيرون، فهم يَعِيشون في غُربةٍ بين الناسِ.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (16690)، والطبراني في «الصغير» رقم (290).