وقد بَيَّنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من هو الصِّدِّيق فقالَ: «لاَ يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ،
وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ» ([1]) يَصْدُقُ هو في
نَفْسِه، ويَتحرَّى الصدقَ فيما يَقوله الناسُ، ولا يُشِيع كُل ما سُمِع، وكُل ما
قِيل، بل يتثبَّت، ويتحرَّى الصِّدْق؛ لأنه هو صادقٌ في نَفْسه فلا يُخبِر ولا
يَقول إلا ما هو صدقٌ، هذا هو الصِّدِّيقُ.
قولُه: «مَاتَ على السنَّةِ» أي:
متمسِّكًا بالإسلامِ، والمُراد بالسنةِ الإسلامُ، والإسلامُ هو السنةُ، من ماتَ
على ذلك «مَسْتورًا» لم يتبيَّن منه
شيءٌ يُخالف فإنه يَموت صِدِّيقًا.
قولُه: «الاعتصامُ بالسنةِ نَجَاةٌ» أي: التمسُّك بالسنةِ نجاةٌ من الفِتَن، ومن العَذاب؛ ولهذا قالَ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ» ([2])، الله جل وعلا يقولُ: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ﴾ [آل عمران: 103]، وقالَ جل وعلا: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ﴾ [الأنعام: 153]، هذه وَصِيّة اللهِ ووَصِيّة رسولِه صلى الله عليه وسلم وهي التمسُّك بالسنةِ والاعتصَام بها.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5743)، ومسلم رقم (2607).