×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

فِيهم الإِمام أَحمد بن حنبل في خُطْبته المشْهورَةِ في كِتابه في الرَّدِّ على الزَّنادِقةِ وَالجَهميَّةِ: الحَمدُ لله الذي جَعَل في كُل زمانِ فَترَةٍ من الرُّسل بقايَا من أَهل العِلم، يَدْعُون من ضل إِلى الهدَى، وَيَصْبرُون منهم على الأَذَى، يَحْيُون بكِتاب الله تعالى الموْتى، وَيُبصِرُون بنورِ الله أَهل العَمى، فَكَم من قتيل لإِبليس قد أَحْيَوْه، وَكَم من تائِه قد هدُوُه، فَما أَحْسن أَثَرَهم على الناس، وما أَقبحَ أَثَرَ الناس عَليْهم، يَنفُون عن كِتاب الله تحْرِيف الغَالين، وَانتحَال المبطِلين، وَتأْوِيل الجَاهلين، الذين عَقدُوا أَلوِيَةَ البدْعَةِ، وَأَطْلقوا عِنان الفِتنةِ، فَهم مختلفون في الكِتاب، مخَالفُون للكِتاب، مجْمعُون على مفَارَقةِ الكِتاب، يَقولون على الله وَفِي الله وَفِي كِتاب الله بغَيْرِ عِلم، يَتكَلمون في المتشَابه من الكَلام، وَيَخْدَعُون جُهال الناس بما يُشَبهون عَليْهم، فَنعُوذُ بالله من فِتنةِ المضلين». أهـ كَلام الإِمام أَحمد رحمه الله.

قال ابن القيِّم: «القسم الثَّاني: فُقهاءُ الإِسلام، وَمن دَارَت الفُتيَا على أَقوَالهم بيْن الأَنام، الذين خُصُّوا باستنباطِ الأَحْكَام، وَعُنوا بضبطِ قوَاعِدِ الحَلال وَالحَرَام، فَهم في الأَرض بمنزِلةِ النجُوم في السماءِ، بهم يَهتدِي الحَيْرَان في الظَّلماءِ، وَحَاجَةُ الناس إِليْهم أَعْظَم من حَاجَتهم إِلى الطعام وَالشَّرَاب، وَطَاعَتهم أَفْرَض عَليْهم من طَاعَةِ الأُمهات وَالآباءِ، بنصِّ الكِتاب. قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا [النساء: 59].

قال عَبدُ الله بن عَباس في إِحْدَى الرِّوَايَتيْن عنه وَجَابرُ بن عَبدِ الله وَالحَسن البصْرِيُّ وَأَبو العَاليَةِ وَعَطَاءُ بن أَبي رَباحٍ وَالضحَّاكُ وَمجَاهدٌ في 


الشرح