مقدِّمةٌ
بسم الله الرَّحْمن الرَّحِيم
الحَمدُ لله رَب
العَالمين، وَالصَّلاة وَالسلام على نبيِّنا محَمدٍ وَعلى آله وَأَصْحَابه
وَالتابعِين لهم بإِحْسان؛ وَبعْدُ:
فَإِن المجْتمعَ
البشَرِيَّ - بحُكْم تعَامل أَفْرَادِه فِيما بيْنهم - لا بد أَن تقعَ بيْنهم
مشَاكِل وَاخْتلافَات تحْتاجُ في فَصْلها إِلى حاكم يقضي بالعدل- قال تعالى: ﴿وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ
ٱلۡخُلَطَآءِ لَيَبۡغِي بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ
وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا هُمۡۗ ﴾ [ص: 24].
وَبحُكْم طَبائِعِ
البشَرِ وَظُلمهم يَتطَاوَل بعضهم على بعض بالظُّلم وَالعُدْوَان، فكان لا بد من
سلطَةٍ توقفُ المعْتدِي عند حَدِّه - وقد وَصَفَ الله جِنس الإِنسان بأَنه ظَلوم
جَهول: ﴿إِنَّهُۥ
كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا﴾ [الأحزاب: 72].
ولهذا بعث الله
الرسل وأنزل الكتب لإقامة العدل في الأرض: ﴿لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ
ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَنزَلۡنَا
ٱلۡحَدِيدَ فِيهِ بَأۡسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن
يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ﴾ [الحديد: 25].
وكان لدين الإِسلام
الذي بعث الله به رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم من تحقيق العدالة بين الناس
وإزالة الظلم عن أَهل الأَرض ما لا يخفى مما لا تزال شواهده قائمة: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ
إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].
﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ
أَهۡوَآءَهُمۡ﴾ [المائدة: 49]