×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

فكان القضاءُ في الإِسلام مضرِب المثَل في إِقامةِ العَدْل وَإِزَالةِ الظُّلم وَنزَاهةِ الحُكَّام وَوَرَعِهم مما شَهدَ به العَدُوُّ قبل الصَّدِيق. وَكُتب التارِيخِ حَافِلةٌ بنقل صُوَرٍ صَادِقةٍ عن القضاءِ في الإِسلام وَمزَايَاه - وَأَنا في هذا البحث المتوَاضعِ أُحاول أَن أَضعَ تصَوُّرًا خَاصًّا له في حُدُودِ النقاطِ التاليَةِ:

1- السلطَةُ القضائِيَّةُ وَعَلاقتها بالسلطَةِ التنفِيذِيَّةِ.

2- استقلال القضاءِ وَضماناته.

3- المؤَسسات القضائِيَّةُ وَدَرجَات التقاضي.

4- أَعْوَان القاضي.

5- تخْصِيصُ القضاءِ في المكان وَالزمان وَالنوع.

وَقبل أَن ندْخُل في تلك التفَاصِيل نقدِّم كَلمةً عن معنى القضاءِ لغَةً وَشَرْعًا وَحُكْمه في الإِسلام وَحِكْمته:

فَالقضاءُ لغَةً هوَ: مصْدَرُ قضى يَقضي قضاءً وهو هنا بمعنى حُكْم وَفَصْل.

وَمعْناه شَرْعًا: بيَان الحُكْم الشَّرعيِّ وَالإِلزَام به وَفَصْل الخُصُومات.

وَحُكْمه أَنه فَرْض كِفَايَةٍ ([1]).

وَحِكْمته كَما قال شَيخ الإِسلام ابن تيميَّة: «المقصُودُ من القضاءِ وُصُول الحقوق إِلى أَهلها وَقطْعُ المخَاصَمةِ، فَوُصُول الحقوق هو المصْلحَةُ وَقطْعُ المخَاصَمةُ إِزَالة المفْسدَةِ ([2])، وَوُصُول الحقوق هو من


الشرح

([1])إذا أجمع أَهل بلد على تركه أثموا.

([2])فالمقصود هو جلب تلك المصلحة وإزالة هذه المفسدة.