×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

وَعَيَّن إِلى جَانبه عَبدَ الله بن مسعُودٍ قاضيًا فيها - وَمن حِين ذلك صَارَ القضاءُ منفَصِلاً عن الإِمارَةِ، أَو بعِبارَةٍ أُخْرَى صَارَت السلطَةُ القضائِيَّةُ منفَصِلةً عن السلطَةِ التنفِيذِيَّةِ، وَاستمرَّ الحَال إِلى وَقتنا هذا.

لكِنَّ عَلاقةَ السلطَةَ القضائِيَّةَ بالسلطَةِ التنفِيذِيَّةِ لا تزَال وَطِيدَةً جِدًّا بحيث لا تستغْني إِحْدَاهما عن الأُخْرَى؛ إِذْ لا بد للقضايَا وَالمشَاكِل التي تعْرِض للوُلاةِ وَهم السلطَةُ التنفِيذِيَّةُ - أَن تحُل على ضوْءِ الشَّرِيعَةِ الإِسلاميَّة -: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا [النساء: 59].

وَتلكَ مهمةُ قضاةِ الشَّرع - وهو السلطَةُ القضائِيَّةُ - وَلا بد للأَحْكَام الشَّرعيَّة الصَّادِرَةِ من القضاةِ من تنفِيذِها وَإِلزَام الخُصُوم بها، وَتلكَ هي مهمةُ الوُلاةِ وَهم السلطَةُ التنفِيذِيَّةُ.

وَمن هنا ندْرِكُ أَن السلطَتيْن متلازِمتان تلازَما ضرُورِيًّا لتؤَدِّيَ كُل منهما مهمتها على خَيْرِ وَجْه، وَبذلك تقوم مصَالحُ العِبادِ حِيْنما يَجْتمعُ وَازعُ السلطان مع وَازِعِ القرْآن، وَتأَمل قوله تعالى: ﴿لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَنزَلۡنَا ٱلۡحَدِيدَ فِيهِ بَأۡسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ [الحديد: 25].

تجِدُ أَن سلطَةَ القضاءِ في الآيَةِ ذُكِرَ إِلى جَانبها سلطَةُ التنفِيذِ: ﴿وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ [الحديد: 25].

هذه سلطَةُ القضاءِ: ﴿وَأَنزَلۡنَا ٱلۡحَدِيدَ فِيهِ بَأۡسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ [الحديد: 25] هذه سلطَةُ التنفِيذِ، يقول شَيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: «فَمن عَدَل عن الكِتاب قوِّم بالحَدِيدِ. وَلهذا كان قوَام الدِّين بالمصْحَفِ وَالسيْفِ، وقد رُوِيَ عن جَابرِ بن


الشرح