وَالمترَدِيَةُ: الرَّدَى: الهلاكُ.
والمرَادُ بالمترَدِيَةِ هنا التي تترَدَّى من العُلوِ إِلى السفَل فَتموت -
سوَاءٌ ترَدَّت بنفْسها أَم رَدَاها غيرها - وَكَانت الجَاهليَّةُ تأْكُل المترَدِّي
من الأَنعَام.
وَالنطِيحَةُ: فَعِيلةُ بمعنى
مفْعُولةٍ وهي الشَّاةُ يَنطَحُها غيرها فَتموت بذلك.
وَما أَكَل السبعُ: ما افْترَسه ذُو
ناب وَأَظْفَارٍ من الحَيَوَان كَالأَسدِ وَالنمرِ وَالذِّئْب. وَفِي الكَلام
إِضمارٌ - أَيْ ما أَكَل منه السبعُ - لأَن ما أَكَله السبعُ فَقدْ فَنيَ.
وَكَانت
الجَاهليَّةُ لا تعْتقدُ ميْتةً إلاَّ ما مات بالوَجَعِ وَنحْوِه دُون سبب
يُعْرَفُ، فَأَما هذه الأَسباب فَكَانت عِندَها كَالذَّكاة.
ثَانيًا: وَأَما مناسبةُ
ذِكْرِ هذه الأَشياء بعد ما قبلها فَهيَ، وَالله أَعْلم، الرَّدُّ على أَهل
الجَاهليَّةِ في إِخْرَاجِهم لهذه الأَشياء من حُكْم الميْتةِ وَاستباحَتهم لها
كَما ذَكَرْنا.
ثَالثًا: وَنوع الاستثْناءِ
في قوله تعالى: ﴿إِلَّا
مَا ذَكَّيۡتُمۡ﴾ [المائدة: 3] اخْتلفَ فيه العلماء على قوْليْن:
القوْل الأَوَّل: وهو قوْل الجمهور
أَنه استثْناءٌ متصِل يَعُودُ إِلى ما يمكن عَوْدُه عليه مما انعَقدَ سبب موْته
فَأَمكَن تدَارُكُه بذَكَاةٍ وَفِيه حياة مستقرَّةٌ، وَذلك إِنما يَعُودُ على
قوله:
﴿وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ
وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ﴾ [المائدة: 3] لأَن قوله: ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِيرِ
وَمَآ أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ﴾ [المائدة: 3] لا يمكن أَن
يَرْجِعَ إِليْه الاستثْناءُ لأَنه لا تلحَقه الذَّكاة، وَصِحَّةُ هذا القوْل هي
إِجماعهم على أَن الذَّكاة تعْمل في المرْجُو من هذه