المذْكُورَات، فَهذا
يدل على أَن الاستثْناءَ له تأَثِيرٌ فيها فهو متصِل، فَيكون معنى الآيَةِ على هذا
القوْل: حُرِّمت عليكم المنخنقةُ والموقوذةُ والمترديةُ والنطيحةُ وما أَكل السبع
إِن ماتت من هذه الإِصَابات إلاَّ أَن تدْرِكُوا ذَكَاتها قبل موْتها.
القوْل الثَّاني: وهو قوْل جماعةٍ من
أَهل المدِينةِ أَنه استثْناءٌ منقطِعٌ لا يَرْجِعُ إِلى المحَرَّمات التي
ذَكَرَها الله تعالى في الآيَةِ وَاحْتجُّوا بأَمرَيْن:
الأَوَّل: أَنه قد ذَكَرَ في
الآيَةِ أَشياء لا ذَكَاةَ لها وهي الميْتةُ وَالخِنزِيرُ «قالوا وَإِنما معنى
الآيَةِ: حُرِّمت عَليْكُم الميْتةُ وَالدَّم وَسائِرُ ما سميْناه مع ذلك لكِن ما
ذَكَّيْتم مما أَحَله الله لكُم بالتذْكِيَةِ فَإِنه لكُم حَلال».
الثَّاني: «أَن التحريم لم
يَتعَلق بأَعْيَان هذه الأَصْنافِ وهي حَيَّةٌ وَإِنما تعْلق بها بعد الموْت،
وَإِذَا كان كذلك فَالاستثْناءُ منقطِعٌ؛ وَذلك أَن معنى قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ
ٱلۡمَيۡتَةُ﴾ [المائدة: 3] إِنما هو لحْم الميْتةِ وَكذلك لحْم الموْقوذَةِ
وَالمترَدِيَةِ وَالنطِيحَةِ وَسائِرِها. أَيْ لحْم الميْتةِ بهذه الأَسباب...
فَلما عَلم أَن المقصُودَ لم يكن تعْليق التحْرِيق بأَعْيَان هذه وهي حَيَّةٌ وَإِنما
عَلق بها بعد الموْت؛ لأَن لحْم الحَيَوَان محَرَّم في حَال الحياة بدَليل
اشْترَاطِ الذَّكاة فِيها، وَبدَليل قوله: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ
وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيِّتٌ» ([1]). وَجَب أَن يكون
قوله ﴿إِلَّا مَا
ذَكَّيۡتُمۡ﴾ [المائدة: 3] استثْناءً منقطِعًا».
وَيكون المرَادُ بالمنخَنقةِ وما ذُكِرَ معَها على هذا ما مات بالإِصَابةِ أَو بلغَ حَالةً يَغْلب على الظَّن أَنه لا يَعِيشُ معَها. فَلا يَعْمل فيها الاستثْناءُ. وَيكون فَائِدَةُ ذِكْرِ هذه الأَشياء بعد الميْتةِ الرَّدَّ على أَهل الجَاهليَّةِ الذين
([1])أخرجه: أبو داود رقم (2858)، والترمذي رقم (1480)،وابن ماجه رقم (3216).