×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

وَالصحيح: أَنه إِذَا كان حَيًّا فَذُكِّيَ حَل أَكْله وَلا يُعْتبرُ في ذلك حركَة مذْبوحٍ؛ فَإِن حَرَكَات المذْبوحِ لا تنضبطُ بل فيها ما يَطُول زمانه وَتعْظُم حَرَكَته. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلوا» ([1]) فَمتى جَرَى الدَّم الذي يَجْرِي من المذْبوحِ، حَلَّ أَكْله وَالناس يُفَرِّقون بيْن دَم ما كان حَيًّا وَدَم ما كان ميِّتا. فَإِن الميِّت يَجْمدَ دَمه وَيَسوَدُّ. وَلهذا حَرَّم الله الميْتةَ لاحْتقان الرُّطُوبات فِيها. فَإِذَا جَرَى منها الدَّم الذي يَخْرُجُ من المذْبوحِ الذي ذُبحَ وهو حَيٌّ حَل أَكْله وَإِن تيَقن أَنه يَموت ([2]).

فَعُمرُ بن الخَطَّاب رضي الله عنه تيَقن أَنه يَموت وكان حَيًّا وَجَازَت وَصِيَّته وَصَلاته وَعُهودُه. وقد أَفْتى غير وَاحِدٍ من الصَّحابة بأَنها إِذَا مصَعَت بذَنبها أَو طَرَفَت بعَيْنها أَو رَكَضت برِجْلها بعد الذَّبحِ حَلت وَلم يشتَرطوا أَن تكُون حَرَكَتها قبل ذلك أَكْثَرَ من حركَة المذْبوحِ. وَهذا قاله الصَّحابة؛ لأَن الحركَة دَليل الحياة، وَالدليل لا يَنعَكِس فَلا يَلزَم - إِذَا لم يُوجَدْ هذا منها - أَن تكُون ميْتةً بل قد تكُون حَيَّةً وَإِن لم يُوجَدْ منها مثْل ذلك. وَالإِنسان قد يكون نائِمًا فَيُذْبحُ وهو نائِم وَلا يَضطَرِب، وَكذلك المغْمى عليه يذْبحُ وَلا يَضطَرِب، وَكذلك الدَّابةُ قد تكُون حَيَّةً فَتذْبحُ وَلا تضطَرِب لضعْفِها عن الحركَة وَإِن كَانت حَيَّةً، ولكن خُرُوجَ الدَّم الذي لا يَخْرُجُ إلاَّ من مذْبوحٍ وَليس هو دَم الميِّت دَليل على الحياة وَالله أَعْلم» انتهى.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2372)، ومسلم رقم (1968).

([2])أي بالإصابة.