فَإِن الوَسائِل لها
حُكْم الغَايَات، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ
ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ﴾ [المائدة: 2]، قال
المجِدُّ ابن تيمية رحمه الله في المنتقى باب تحريم بيْعِ العَصِيرِ ممن يَتخِذُه
خَمرًا وَكُل بيْعٍ أَعَان على معْصِيَةٍ - وَساق الحديث عن أنس رضي الله عنه قال:
«لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا،
وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَة إِلَيْهِ،
وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالْمُشْتَرِي لَهَا،
وَالْمُشْتَرَاة لَهُ» ([1]).
وَحديث ابن عُمرَ رضي الله عنهما قال: «لُعِنَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَشَرَةِ وُجُوهٍ: لُعِنَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا، وَشَارِبُهَا، وَسَاقِيهَا، وَبَائِعُهَا، وَمُبْتَاعُهَا، وَعَاصِرُهَا، وَمُعْتَصِرُهَا، وَحَامِلُهَا، وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَآكِلُ ثَمَنِهَا» ([2])، وَوَجْه الاستدْلال من هذَيْن الحديثيْن أَن اللعْن فِيهما شَمل شَارِب الخَمرِ وَمن أَعَانه على ذلك من بقيَّةِ العَشَرَةِ - قال الشَّوْكَانيُّ: وَفِي الباب عن أَبي هرَيرة عند أَبي داود وَعَن ابن عَباس عند ابن حِبان وَعَن ابن مسعُودٍ عند الحَاكِم. وَعَن برَيْدَةَ عند الطَّبرَانيِّ في الأَوْسطِ من طَرِيق محَمدِ بن أَحمد بن أَبي خَيْثَمةَ بلفْظِ: «مَنْ حَبَسَ الْعِنَبَ أَيَّامَ الْقِطَافِ حَتَّى يَبِيعَهُ مِنْ يَهُودِيٍّ، أَوْ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، فَقَدْ تَقَحَّمَ النَّارَ عَلَى بَصِيرَةٍ»، وَأَخْرَجَه البيهقي بزيَادة: «أَوْ مِمَّنْ يَعْلَم أَن يَتَّخِذه خَمْرًا»، ثُم قال الشَّوْكَانيُّ: وَالذي يدل على مرَادِ المصَنفِ «يَعْني صاحب المنتقى» حديث برَيْدَةَ الذي ذَكَرْناه لترْتيب الوَعِيدِ الشَّدِيدِ على من باعَ العِنب إِلى من يَتخِذُه خَمرًا، ولكن قوله «حَبس» وَقوله «أَوْ مِمَّنْ يَعْلَم أَن يَتَّخِذه
([1])أخرجه: الترمذي رقم (1295)، وابن ماجه رقم (3381).
الصفحة 3 / 261