بالمال، فَيَنمو
وَيَرْبو عِندَهم وَيُخَزَّن في الصَّنادِيق وَالبيُوت الماليَّةِ المعْرُوفَةِ
بالبنوكِ، وَيُبخَس العَاملون قيَم أَعْمالهم لأَن الرِّبحَ يكون معْظَمه من المال
نفْسه، وَبذلك يَهلكُ الفُقرَاءُ. انتهى.
وَفِيه مقارَنةٌ
جَيِّدَةٌ بيْن منافِعِ البيْعِ وَمضارِّ الرِّبا، لكِن لا نوَافِقه على رَدِّ
الوَجْه الأَول وهو أَن قوْلهم: ﴿إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْۗ﴾ [البقرة: 275] من
قبيل استعْمال القيَاس في مقابلةِ النصِّ، وَذلك باطِل مرْدُودٌ؛ لأَن هذه قاعِدَةٌ
مسلمةٌ، وَالتعْليل بها هو ظَاهرُ الآيَةِ الكَرِيمةِ، وَلا يَمنعُ ذلك أَن يكون
هناكَ فَوَارِق تمنعُ هذا القيَاس، منها ما أَدْلى به في هذه المقارَنة - وَالله
أَعْلم -.
وَالله سبحانه
وتعالى أَحَل البيْعَ وَأَحَل التجَارَةَ، وَحَرَّم الرِّبا. فَالمبتاعُ يَبتاعُ
ما يَستنفِعُ به كَطعام وَلباس وَمسكَن وَمرْكَب وغير ذلك. وَالتاجِرُ يَشْترِي ما
يُرِيدُ أَن يَبيعَه ليَرْبحَ فِيه، وَأَما آخِذُ الرِّبا فَإِنما مقصُودُه أَن
يَأْخُذَ دَرَاهم بدَرَاهم إِلى أَجَل، فَيُلزِم الآخَرَ أَكْثَرَ مما أَخَذَ بلا
فَائِدَةٍ حَصَلت له؛ لم يَبعْ وَلم يَتجَرْ.
تعريف الرِّبا:
الرِّبا: لغَةً الزيَادة -
قال في القاموس. رَبا رَبوًّا كَعُلوًّا وَرِباءً زَادَ وَنما. وَقال صاحب
المصْباح المنير الرِّبا الفَضل وَالزيَادة - وهو مقصُورٌ على الأَشْهرِ.. وَرَبا
الشَّيْءُ يَرْبو إِذَا زَادَ. وَأَرْبى الرَّجُل بالأَلِفِ دَخَل في الرِّبا.
وَأَرْبى على الخَمسين زَادَ عَليْها. وَقال النوَوِيُّ في تهذِيب الأَسماء
وَاللغَات: الرِّبا مقصُورٌ وَأَصْله الزيَادة.. وَيُقال رَبا الشَّيْءُ إِذَا
زَادَ، وَيُقال الرِّبا وَالرِّماءُ - وَفِي فَتحِ البارِي وَأَصْل الرِّبا:
الزيَادة إِما في نفْس الشَّيْءِ كَقوله تعالى: ﴿ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡ﴾ [الحج: 5]