وَأَيضًا لوْ كَانت الزِّيَادَتان سوَاءٌ لما
اخْتلفَ حُكْمهما عند أَحْكَم الحَاكِمين. فَالزيَادة التي تؤْخَذُ في معَاوَضةٍ صحيحةٍ،
خَاليَةٍ من أَكْل أَموَال الناس بالباطِل هي زيَادة حَلال.
وَالزيَادة التي
تؤْخَذُ لأَجْل التأْخِيرِ في الأَجَل إِذَا حَلَّ، زيَادة محَرَّمةٌ لأَنها لا
معَاوَضةَ فيها وَلا مقابل لها فهي ظُلم. وَأَيضًا المعْسرُ الذي لا يَستطِيعُ
الوَفَاء عند حُلول الأَجَل يجب إِنظَارُه إِلى ميْسرَةٍ، لا مضاعَفَةَ الدَّيْن
عليه وَإِثْقال كَاهله بالغَرَامةِ فَيَزْدَادُ حِملاً على حِمله.
مسأَلة: «ضَعْ
وَتعَجَّل»
وَيَتعَلق بهذه
المسأَلة: «ضَعْ وَتعَجَّل» وهي أَن يُصَالحَ عن الدَّيْن المؤَجَّل ببعضه حَالا -
وهي عَكْس قلب الدَّيْن - لأَن معْناه: زِدْ وَأَجِّل - وقد أَجْمعَ المسلمون على
تحْرِيمه كَما سبق - وَأَما هذه المسأَلة «ضعْ وَتعَجَّل» فَقدِ اخْتلفَ العلماء
فيها على أَقوَال:
القوْل الأَوَّل: تحريم ذلك وهو قوْل
أَبي حَنيفَةَ وَمالكٍ والشافعيِّ وَالمشْهورُ عن أَحمد.
وَوَجْه ذَلكَ: أَنه شَبيه
بالزيَادة مع الإنظَارِ المجْمعِ على تحْرِيمها لأَنه جَعَل للزمان مقدَارًا من
الثَّمن بدَلاً منه في الموْضعَين جَميعًا. فهو في الصُّورَتيْن جَعْل للزمان
ثَمنًا لزيَادَته وَنقصِه، هذا معنى ما عَلل به ابن رُشْدٍ في بدَايَةِ المجتهد
وَعَلل صاحب فَتحِ القدِيرِ من الحَنفِيَّةِ ذلك بقوله: «لأَن المعَجَّل خَيْرٌ من
المؤَجَّل وهو غير مستحَق بالعَقدِ، فَيكون بإِزَاءِ ما حَطَّه عَنه؛ وَذلك
اعْتيَاض عن الأَجَل وهو حَرَام». أ هـ.
وَهوَ بمعنى التعْليل الذي قبله. وَعَلل صاحب مغني المحتاج من الشافعيَّةِ لذلك بقوله: «لأَن صِفَةَ الحُلول لا يَصِحُّ إِلحَاقها.. فِإِن لم