×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

 يَحْصُل الحُلول لا يَصِحُّ الترْكُ» يَعْني أَن صِحَّةَ ترْكِ البعض تنبني على صِحَّةِ التعْجِيل، وَالتعْجِيل غير صحيح فَالترْكُ غير صحيح. وَعَلل ذلك صاحب المبدِعِ من الحَنابلةِ بقوله: «لأَنه يَبذُل القدْرَ الذي يَحُطُّه عِوَضًا عن تعْجِيل ما في ذِمته، وَبيْعِ الحُلول وَالتأْجِيل لا يجُوز» وَهذا التعْليل بمعنى ما عَلل به صاحب فَتحِ القدِيرِ من الحَنفِيَّةِ حيث يَقول: «وَذلك اعْتيَاض عن الأَجَل وهو حَرَام»، وَهما يَتفِقان مع قوْل ابن رُشْدٍ «لأَنه جَعْل للزمان مقدَارًا من الثَّمن». فَاتفَقت كَلمتهم على أَن بيْعَ الأَجَل لا يجُوز وهو الذي من أَجْله منعُوا مسأَلة: «ضعْ وَتعَجَّل».

قال ابن القيِّم في إِغَاثَةِ اللهفَان: «وَاحْتجَّ المانعُون بالأَثَرِ وَالمعنى - أَما الآثَارُ فَفِي سنن البيهقي عن المقدَادِ بن الأَسوَدِ قال: «أَسلفْت رَجُلاً مائَةَ دِيْنارٍ فَقلت له: عَجِّل تسعِين دِينارًا وَأَحُطُّ عَشْرَةَ دَنانيرَ. فقال: نعَم، فَذَكَرْت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أَكَلت رِبا، مقدام، وَأَطْعَمته»» وَفِي سندِه ضعْفٌ.

وَصَحَّ عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما أَنه قد سئِل عن الرَّجُل يكون له الدَّين على رَجُل إِلى أَجَل فَيَضعُ عنه صاحبه وَيُعَجِّل له الآخَرُ، فَكَرِه ذلك ابن عُمرَ وَنهى عَنه.

وَصَحَّ عن أَبي المنهال أَنه سأَل ابن عُمرَ رضي الله عنهما فقال لرَجُل: «عَليَّ دَيْن، فقال لي: عَجِّل لي لأَضعَ عَنكَ، قال: فَنهاني عَنه. وَقال: نهى أَميرُ المؤْمنين - يَعْني عُمرَ - أَن يَبيعَ العَيْن بالدَّيْن. وَقال أَبو صَالحٍ موْلَى السفَاحِ وَاسمه عُبيْدٌ: بعْت برًّا من أَهل السوق إِلى أَجَل، ثُم أَرَدْت الخُرُوجَ إِلى الكُوْفَةِ فَعَرَضوا عَليَّ أَن أَضعَ عَنهم وَيَنقدُوني، فَسأَلت عن ذلك زَيدَ بن ثَابت فقال: لا آمرُكَ أَن تأْكُل هذا وَلا تؤْكِله».


الشرح