فَوَفَّاه تسعِين بلا منفَعَةٍ حَصَلت للمقرِض
بل اخْتصَّ المقترِض بالمنفَعَةِ، فهو كَالمرْبي سوَاءٌ في اخْتصَاصِه بالمنفَعَةِ
دُون الآخَرِ. وَأَما في البيْعِ وَالإِجَارَةِ فَإِنهما يَملكَان فَسخَ العَقدِ
وَجَعْل العِوَض حَالاً أَنقصَ مما كَان. وَهذا هو حَقيقةُ الوَضعِ وَالتعْجِيل
لكِن تحَيُّلا عَليه، وَالعِبرَةُ في العُقودِ بمقاصِدِها لا بصِوَرِها، فَإِن كان
الوَضعُ وَالتعْجِيل مفْسدَةٌ فَالاحْتيَال عليه لا يُزِيل مفْسدَته، وَإِن لم يكن
مفْسدَةٌ لم يَحْتجْ إِلى الاحْتيَال عليه.
الثَّاني من نوعيِ
رِبا النسيئة: ما كان في بيْعِ كُل جِنسيْن اتفَقا في عِلةِ رِبا الفَضل مع تأْخِيرِ
قبضهما أَو قبض أَحَدِهما - وَيُسمِّيه بعضهم: رِبا اليَدِ - كَبيْعِ الذَّهب
بالذَّهب وَالفضة بالفضة وَالبرِّ بالبرِّ وَالشعير بالشعير وَالتمرِ بالتمرِ
وَالملحِ بالملحِ، وَكَذَا بيْعُ جِنس آخَرَ من هذه الأَجْناس مؤَجَّلا وما
شَارَكَها في العِلةِ يَجْرِي مجْرَاها في هذا الحُكْم. قال النبي صلى الله عليه
وسلم «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ
بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ
بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ» ([1]) في أَحاديث كثيرَةٍ
جَاءَت بمعْناه.
فَقوله صلى الله
عليه وسلم: «يَدًا بِيَدٍ» ([2]) يَعْني الحُلول
وَالتقابض قبل التفَرُّق في البيْعِ هذه الأَشياء بعضها ببعض، وَيُقاس عَليْها ما
شَارَكَها في العِلةِ - كَما يَأْتي بيَانه -إِن شَاءَ الله- رِبا الفَضل.
النوع الثَّاني من أَنواع الرِّبا: رِبا الفَضل: - وهو الزيَادة - وقد نصَّ الشَّارِعُ على تحْرِيمه في ستةِ أَعْيَان هيَ: الذَّهب وَالفضة وَالبِّر وَالشعير
([1])أخرجه: مسلم رقم (1587).