×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

 القوْل الثَّالثُ: أَن العِلةَ في الأَرْبعَةِ المذْكُورَةِ كَوْنها مكِيلةَ جِنس؛ فَيَتعَدَّى الحُكْم فيها إِلى كُل مكِيل، وَلوْ كان غير طعام كَالجِصِّ وَالنوْرَةِ وَالأَشْنان، وَهذا مذهب عَمارٍ وأَحمد في ظَاهرِ مذْهبه وَأَبي حَنيفَةَ. وَاستدَلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: «مَا وُزِنَ مِثْلٌ بِمِثْلٍ إِذَا كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا، وَمَا كِيلَ فَمِثْلُ ذَلِكَ، فَإِذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ» ([1]) وَيَشْهدُ لصِحَّته حديث عُبادَةَ المذْكُورُ أَوَّلا، وَغَيْرُه من الأَحاديث التي وَرَدَ فيها لفْظُ «مِثْلاً بِمِثْلٍ» ([2]) فَإِنه يدل على الضبطِ بالكَيْل وَالوَزْن. قال العَلامةُ الشِّنقيطِيُّ وَهذا القوْل أَظْهرَ دَليلا. أ هـ.

فَعلى هذا لا يَجْرِي الرِّبا في مطْعُوم لا يُكَال وَلا يُوزَن كَالمعْدُودَات؛ فَتباعَ بيْضةٌ وَخِيَارَةٌ وَبطِّيخَةٌ وَرُمانةٌ بمثْلها.

القوْل الرَّابعُ: وهو قوْل الشافعيِّ في القدِيم أَن العِلةَ فيها هي الطُّعْميَّةُ مع الكَيْل أَو الوَزْن. فَالعِلةُ فيها كَوْنها مطْعُومةً موْزُونةً أَو مكِيلةً بشرط الأَمرَيْن - فَعلى هذا لا رِبا في البطِّيخِ وَالسفَرْجَل وَنحْوِه مما لا يُكَال وَلا يُوزَن وَلا فِيما يُكَال أَو يُوزَن لكِنه غير مطْعُوم. كَالزَّعْفَرَان وَالشِّنان وَالحَدِيدِ وَالرُّصَاصِ، وَنحْوِها وَهذا قوْل سعِيدِ بن المسيِّب وهو أَيْضًا روَاية عن أَحمد وَاخْتارَه شَيخ الإِسلام - ابن تيمية - حيث قال: «وَالعِلةُ في تحريم رِبا الفَضل الكَيْل أَو الوَزْن مع الطُّعْم وهو روَاية عن أَحمد رحمه الله ». أ هـ.

هذا حَاصِل آرَاءِ المذْاهب الأَرْبعَةِ في عِلةِ الرِّبا في الأَصْنافِ المنصُوصَةِ، وَهناكَ آرَاءُ أُخْرَى في هذه المسأَلة ذَكَرَها العَلامةُ الشِّنقيطِيُّ في تفْسيرِه، وَالإِمام ابن حَزْم في المحَلى فَليُرَاجِعْها من شَاءَ.


الشرح

([1])أخرجه: الدارقطني رقم (2853)

([2])أخرجه: مسلم رقم (1587).