مِثْلاً بِمِثْلٍ». قَالَ معَمرٌ رَاوِي
الحديث: وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ ([1])، فَدَل على أَن
العِلةَ الطُّعْم. وَإِن لم يُوكَل وَلم يُوْزَن؛ لأَنه عَلق ذلك على الطعام، وهو
اسم مشْتق، وَتعْليق الحُكْم على الاسم المشْتق يدل على التعْليل بما منه
الاشْتقاق.
وَالطعام: ما قصِدَ للطُّعْم بضم الطَّاءِ - مصْدَرُ طَعِم بكَسرِ العَيْن أَيُّ أَكْل غَالبا. وَذلك بأَن يكون أَظْهرُ مقاصِدِه الطّعْم، وَإِن لم يُؤْكَل إلاَّ نادِرًا كَالبلوطِ وَالطَّرْثُوثِ. وَإِن لم يُوكَل وَلم يُوْزَن. وَسوَاءٌ أُكِل بقصْدِ الاقتيَات، أَو التفَكُّه، أَو التدَاوِي، فَالبرُّ وَالشعير المقصُودُ منها التقوُّت؛ فَأَلحَق بهما ما في معْناهما كَالأُرْزِ وَالذُّرَةِ. وَالتمر المقصُودُ منه: التفَكُّه وَالتأَدُّم، فَأَلحَق به ما في معْناه كَالتين وَالزَّبيب. وَالملحُ المقصُودُ منه: الإِصْلاحُ، فَأَلحَق به ما في معْناه؛ كَالمصْطَطَى، وَالسقمونيَا، وَالطِّين الأَرْمنيُّ، وَالزَّنجَبيل، وَلا فَرْق بيْن ما يُصْلحُ الغِذَاءَ، أَو يُصْلحُ البدَن؛ فَإِن الأَغْذِيَةَ لحِفْظِ الصِّحَّةِ وَالأَدْوِيَةِ لرَدِّ الصِّحَّةِ، هذا حَاصِل هذا القوْل. لكِن نوْقشَ الاستدْلال به بالحديث السابق بأَن رَاوِيَه قال: وقد كُنت أَسمعُ النبي صلى الله عليه وسلم يَقول: «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلاً بِمِثْلٍ». قال عُقبةُ: وكان طعامنا يَوْمئِذٍ الشعير ([2])، وَهذا صَرِيحٌ في أَن الطعام في عُرْفِهم يَوْمئِذٍ الشَّعِيرُ. وقد تقرَّرَ في الأُصُول أَن العُرْفَ المقارِن للخِطَاب من مخَصِّصَات النصِّ العَام، فَلا يَعُم لفْظُ الطعام الوَارِدِ في الحديث كُل مطْعُوم؛ لأَنه خُصِّصَ بالعُرْفِ. وَيمكن أَن يُجَاب عن ذلك بأَن التخْصِيصَ بالعُرْفِ موْضعُ خِلافٍ بيْن الأُصُوليِّين - ليس محَل وِفَاق.
([1])أخرجه: مسلم رقم (1592).