ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ
إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ﴾ [النساء: 29] فَظَاهرُ النصُوصِ يَقتضي جَوَازَ كُل
بيْعٍ، إلاَّ ما خُصَّ بدَليل، وقد خُصَّ البيْعُ متفَاضلاً على المعْيَارِ الشَّرعيِّ
فَبقي البيْعُ متساوِيًا على ظَاهرِ العُموم. وَأَما السنةُ المشْهورَةُ فَحديث
أَبي سعِيدٍ الخُدْرِيِّ وَعُبادَةَ بن الصَّامت رضي الله عنهما، حيث جَوَّزَ رسول
صلى الله عليه وسلم بيْعَ الحِنطَةِ بالحِنطَةِ وَالشعير بالشعير وَالتمرَ بالتمرِ
مثَلاً بمثَل عَامًا مطْلقًا من غير تخْصِيصٍ وَتقيِيدٍ، وَلا شَكَّ أَن اسم
الحِنطَةِ وَالشعير يَقعُ على كُل جِنس الحِنطَةِ وَالشعير على اخْتلافِ أَنواعهما
وَأَوْصَافِهما، وَكذلك اسم التمرِ يَقعُ على الرُّطَب وَالبسرِ؛ لأَنه اسم لتمرِ
النخْل لغَةً، فَيَدْخُل فيه الرُّطَب وَاليَابس وَالمذْنب وَالبسرُ وَالمنقعُ. أ
هـ.
وَلا شَكَّ أَن الحق
ما ذَهب إِليْه الأَكْثَرُ وَالأَئمة الثَّلاثَةُ من عَدَم جَوَازِ بيْعِ الرُّطَب
باليَابس؛ لأَن غَايَةَ ما تمسكَ به الإِمام أَبو حَنيفَةَ رحمه الله عُمومات
تخَصَّصُ بحديث النهيِ عن بيْعِ الرُّطَب باليَابس؛ مع وُجُوب سدِّ الذَّرِيعَةِ
المفْضيَةِ إِلى الرِّبا، وَالله أَعْلم.
5- النهيُ عن بيْعِ الرِّبوِيِّ بجِنسه، وَمعَهما أَو مع أَحَدِهما من غير جِنسهما - وَيُترْجَم له الفقهاء بمسأَلة مدِّ عَجْوَةَ - لأَن من صِوَرِه أَن يَبيعَ مدَّ عَجْوَةٍ وَدِرْهم، بمدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهم، وَنحْوُ ذلك. وَالأَصْل فيها حديث فَضالةَ بن عُبيْدٍ قال: «اشْتَرَيْتُ قِلاَدَةً يَوْمَ خَيْبَرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، فَفَصَّلْتُهَا فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لاَ يُبَاعُ حَتَّى يُفَصَّلَ» ([1]).
([1])أخرجه: مسلم رقم (1591).
الصفحة 9 / 261