×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

والنَّهْي إذا جاء عن النَّبي صلى الله عليه وسلم فإنه يقتضي التَّحريم ما لم يَرِد له مُعارِضٌ، قال مُلاَّ عَلِي قَارِي في «المرقاة شرح المشكاة»: قوله: «أَنْ تَحْلِقَ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا»؛ وذلك لأن الذَّوائب للنِّساء كاللِّحى للرِّجال في الهيئةِ والجمالِ». انتهى ([1]).

وأما قصُّ المرأة شَعْر رأسها، فإن كان لحاجة غيرِ الزِّينة، كأن تعجز عن مُؤْنته أو يطول كثيرًا ويشِقُّ عليها؛ فلا بأس بقَصِّه بقدر الحاجة. كما كان بعض أزواج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يفعلنه بعد وفاته، لتركهنَّ التَّزَيُّن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم واستغنائهنَّ عن تطويل الشَّعْر.

وأما إن كان قصد المرأة من قصِّ شَعْرها هو التَّشبُّه بالكافراتِ والفاسقاتِ أو التَّشبُّهُ بالرِّجال؛ فهذا مُحرَّمٌ بلا شكٍّ؛ للنَّهْي عن التَّشَبُّه بالكُفَّار عمومًا، وعن تشبُّه المرأة بالرِّجال، وإن كان القصد منه التَّزيُّن، فالذي يظهر لي أنه لا يجوز.

قال شيخنا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ الأَْمِيْنُ الشَّنْقِيطِيُّ رحمه الله في «أضواء البيان»: إن العرف الذي صار جاريًا في كثير من البلاد بقطع المرأة شعر رأسها إلى قرب أصوله سنَّة إفرنجية مخالفة لما كان عليه نساء المسلمين ونساء العرب قبل الإسلام؛ فهو من جملة الانحرافات التي عمت البلوى بها في الدين والخلق والسمت وغير ذلك، ثم أجاب عن حديث: أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذْنَ مِنْ رُؤُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ: «بأن أزواج النَّبي صلى الله عليه وسلم إنما قَصَّرْنَ رؤوسهن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ؛ لأنهن كن يتجمَّلن في حياته، ومن أجمل زينتهنَّ شعورهنَّ، أمَّا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فلهن حكمٌ خاصٌّ بهنَّ، لا تُشارِكهنَّ فيه امرأةٌ واحدةٌ من نِساء جميع أهل الأرض،


الشرح

([1])مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (2/ 49).