كما أن من أدركه
الشَّهر وهو كبيرٌ هَرَمٌ لا يستطيع الصِّيام، أو مريضٌ مرضًا مُزْمِنًا لا يُرجى
ارتفاعه عنه في وقت من الأوقات من رجل أو امرأة، فإنه يُفطر ويُطعِم عن كلِّ يومٍ
مسكينًا نصف صاعٍ من قوت البلد. قال الله تعالى: ﴿وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖۖ﴾ [البقرة: 184] قال عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «هِيَ
لِلْكَبِيرِ الَّذِي لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ».
والمريض الذي لا
يُرجى بُرْؤُه مرضه في حكم الكبير، ولا قضاء عليهما؛ لعدم إمكانه، ومعنى
يتجشَّمونه: يطيقونه.
وتختصُّ المرأة
بأعذارٍ تبيح لها الإفطار في رمضان على أن تقضي ما أفطرته بسبب تلك الأعذار من
أيَّام أُخر، وهذه الأعذار هي:
1- الحيض والنِّفاس:
يحرُم على المرأة الصَّوم أثناءهما، ويجب عليها القضاء من أيام أخر؛ لما في
الصَّحيحين عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كُنَّا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ
الصَّوْمِ، وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ» ([1]) وَذَلِكَ لَمَّا
سَأَلَتْهَا امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلاَ
تَقْضِي الصَّلاَةَ. بيَّنت رضي الله عنها أن هذا من الأمور التَّوقيفيَّة التي
يُتبع فيها النَّصُّ.
حِكْمة ذلك: قال شَيْخُ الإِْسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ في «مجموع الفتاوى»: «والدَّم الذي يخرج بالحيض فيه خروج الدَّم. والحائض يمكنها أن تصوم في غير أوقات الدَّم الذي يخرج بالحيض فيه دمها. فكان صومها في تلك الحال صومًا معتدلاً، لا يخرج فيه الدَّم الذي يُقوِّي البدن الذي هو مادته. وصومها في الحيض يوجب أن يخرج فيه دمها الذي هو
([1])أخرجه: البخاري رقم (315)، ومسلم رقم (335).