فَصْلٌ
وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا:
أَنَّهَا تَمْحَقُ بَرَكَةَ الْعُمُرِ، وَبَرَكَةَ الرِّزْقِ، وَبَرَكَةَ
الْعِلْمِ، وَبَرَكَةَ الْعَمَلِ، وَبَرَكَةَ الطَّاعَةِ، وَبِالْجُمْلَةِ
أَنَّهَا تَمْحَقُ بَرَكَةَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا.
فَلاَ تَجِدُ أَقَلَّ
بَرَكَةٍ فِي عُمُرِهِ وَدِينِهِ وَدُنْيَاهُ مِمَّنْ عَصَى اللَّهَ، وَمَا
مُحِقَتِ الْبَرَكَةُ مِنَ الأَْرْضِ إِلاَّ بِمَعَاصِي الْخَلْقِ، قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى: {وَلَوۡ
أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَرَكَٰتٖ
مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ} [الأَْعْرَافِ: 96] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَلَّوِ
ٱسۡتَقَٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسۡقَيۡنَٰهُم مَّآءً غَدَقٗا ١٦لِّنَفۡتِنَهُمۡ
فِيهِۚ وَمَن يُعۡرِضۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِۦ يَسۡلُكۡهُ عَذَابٗا صَعَدٗا ١٧} [الْجِنِّ: 16-
17] ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ
رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى
تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ،
فَإِنَّهُ لاَ يُنَالُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ» ([1])، وَ «إِنَّ
اللَّهَ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالْفَرَحَ فِي الرِّضَى وَالْيَقِينِ، وَجَعَلَ
الْهَمَّ وَالْحُزْنَ فِي الشَّكِّ وَالسُّخْطِ» ([2]).
وَقَدْ تَقَدَّمَ الأَْثَرُ
الَّذِي ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ: «أَنَا اللَّهُ، إِذَا رَضِيتُ
بَارَكْتُ، وَلَيْسَ لِبَرَكَتِي مُنْتَهًى، وَإِذَا غَضِبْتُ لَعَنْتُ،
وَلَعْنَتِي تُدْرِكُ السَّابِعَ مِنَ الْوَلَدِ» ([3]).
وَلَيْسَتْ سَعَةُ الرِّزْقِ وَالْعَمَلِ بِكَثْرَتِهِ، وَلاَ طُولُ الْعُمُرِ بِكَثْرَةِ الشُّهُورِ وَالأَْعْوَامِ، وَلَكِنَّ سَعَةَ الرِّزْقِ وَطُولَ الْعُمُرِ بِالْبَرَكَةِ فِيهِ.
([1])أخرجه: البزار رقم (2914)، وابن أبي شيبة في مصنفه رقم (34332).
الصفحة 1 / 436