فَصْلٌ
فَلْنَرْجِعْ إِلَى مَا
كُنَّا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ دَوَاءِ الدَّاءِ الَّذِي إِنِ اسْتَمَرَّ أَفْسَدَ
دُنْيَا الْعَبْدِ وَآخِرَتَهُ.
فَمَما يَنْبَغِي أَنْ
يُعْلَمَ، أَنَّ الذُّنُوبَ وَالْمَعَاصِيَ تَضُرُّ، وَلاَ بُدَّ، وأَنَّ
ضَرَرَهَا فِي الْقَلْبِ كَضَرَرِ السُّمُومِ فِي الأَْبْدَانِ، عَلَى اخْتِلاَفِ
دَرَجَاتِهَا فِي الضَّرَرِ، وَهَلْ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ شَرٌّ وَدَاءٌ
إِلاَّ سَبَبُهُ الذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي؟!
فَمَا الَّذِي أَخْرَجَ
الأَْبَوَيْنِ مِنَ الْجَنَّةِ، دَارِ اللَّذَّةِ وَالنَّعِيمِ وَالْبَهْجَةِ
وَالسُّرُورِ إِلَى دَارِ الآْلاَمِ وَالأَْحْزَانِ وَالْمَصَائِبِ؟!
وَمَا الَّذِي أَخْرَجَ
إِبْلِيسَ مِنْ مَلَكُوتِ السَّمَاءِ وَطَرَدَهُ وَلَعَنَهُ، وَمَسَخَ ظَاهِرَهُ
وَبَاطِنَهُ فَجَعَلَ صُورَتَهُ أَقْبَحَ صُورَةٍ وَأَشْنَعَهَا، وَبَاطِنَهُ
أَقْبَحَ مِنْ صُورَتِهِ وَأَشْنَعَ؟! وَبُدِّلَ بِالْقُرْبِ بُعْدًا،
وَبِالرَّحْمَةِ لَعْنَةً، وَبِالْجَمَالِ قُبْحًا، وَبِالْجَنَّةِ نَارًا
تَلَظَّى، وَبِالإِْيمَانِ كُفْرًا، وَبِمُوَالاَةِ الْوَلِيِّ الْحَمِيدِأَعْظَمَ
عَدَاوَةٍ وَمُشَاقَّةٍ، وَبِزَجَلِ التَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّهْلِيلِ
زَجَلَ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ وَالْكَذِبِ وَالزُّورِ وَالْفُحْشِ، وَبِلِبَاسِ
الإِْيمَانِ لِبَاسَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، فَهَانَ عَلَى
اللَّهِ غَايَةَ الْهَوَانِ، وَسَقَطَ مِنْ عَيْنِهِ غَايَةَ السُّقُوطِ، وَحَلَّ
عَلَيْهِ غَضَبُ الرَّبِّ تَعَالَى فَأَهْوَاهُ، وَمَقَتَهُ أَكْبَرَ الْمَقْتِ
فَأَرْدَاهُ، فَصَارَ قَوَّادًا لِكُلِّ فَاسِقٍ وَمُجْرِمٍ، رَضِيَ لِنَفْسِهِ
بِالْقِيَادَةِ بَعْدَ تِلْكَ الْعِبَادَةِ وَالسِّيَادَةِ، فَعِيَاذًا بِكَ
اللَّهُمَّ مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِكَ وَارْتِكَابِ نَهْيِكَ!
****
الشرح
الداءُ هو: الذنوبُ، فما هو دَوَاؤه؟
الصفحة 1 / 436