فَصْلٌ
وَمِنْ آثَارِ الذُّنُوبِ
وَالْمَعَاصِي: أَنَّهَا تُحْدِثُ فِي الأَْرْضِ أَنْوَاعًا مِنَ الْفَسَادِ فِي
الْمِيَاهِ وَالْهَوَاءِ، وَالزَّرْعِ، وَالثِّمَارِ، وَالْمَسَاكِنِ.
قَالَ تَعَالَى: {ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ
فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي
عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} [الرُّومِ: 41] .
قَالَ مُجَاهِدٌ: «إِذَا وَلِيَ الظَّالِمُ سَعَى بِالظُّلْمِ
وَالْفَسَادِ، فَيَحْبِسُ اللَّهُ بِذَلِكَ الْقَطْرَ، فَيَهْلِكُ الْحَرْثُ
وَالنَّسْلُ، وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ»، ثُمَّ قَرَأَ: {ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ
فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي
عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ}.
ثُمَّ قَالَ: «أَمَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بَحْرُكُمْ هَذَا،
وَلَكِنْ كُلُّ قَرْيَةٍ عَلَى مَاءٍ جَارٍ فَهُوَ بَحْرٌ» ([1]). وَقَالَ
عِكْرِمَةُ: «{ ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ
فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ }، أَمَا إِنِّي
لاَ أَقُولُ لَكُمْ: بَحْرُكُمْ هَذَا، وَلَكِنْ كُلُّ قَرْيَةٍ عَلَى مَاءٍ» ([2]). وَقَالَ
قَتَادَةُ: «أَمَّا الْبَرُّ فَأَهْلُ
الْعَمُودِ، وَأَمَّا الْبَحْرُ فَأَهْلُ الْقُرَى وَالرِّيفِ» ([3]).
قُلْتُ: وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْمَاءَ الْعَذْبَ بَحْرًا، فَقَالَ: { وَهُوَ ٱلَّذِي مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ هَٰذَا عَذۡبٞ فُرَاتٞ وَهَٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجٞ} [الفرقان: 53] . وَلَيْسَ فِي الْعَالَمِ بَحْرٌ حُلْوٌ وَاقِفٌ، وَإِنَّمَا هِيَ الأَْنْهَارُ الْجَارِيَةُ، وَالْبَحْرُ الْمَالِحُ هُوَ السَّاكِنُ، فَسَمَّى الْقُرَى الَّتِي عَلَيْهَا الْمِيَاهُ الْجَارِيَةُ بِاسْمِ تِلْكَ الْمِيَاهِ.
([1])أخرجه: الطبري في تفسيره (3/583).
الصفحة 1 / 436