فَصْلٌ
ثُمَّ يَقُولُ: قُومُوا
عَلَى ثَغْرِ اللِّسَانِ، فَإِنَّهُ الثَّغْرُ الأَْعْظَمُ، وَهُوَ قُبَالَةُ
الْمَلِكِ، فَأَجْرُوا عَلَيْهِ مِنَ الْكَلاَمِ مَا يَضُرُّهُ وَلاَ يَنْفَعُهُ،
وَامْنَعُوهُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَنْفَعُهُ: مِنْ ذِكْرِ
اللَّهِتَعَالَى وَاسْتِغْفَارِهِ، وَتِلاَوَةِ كِتَابِهِ، وَنَصِيحَةِ عِبَادِهِ،
وَالتَّكَلُّمِ بِالْعِلْمِ النَّافِعِ.
وَيَكُونُ لَكُمْ فِي هَذَا
الثَّغْرِ أَمْرَانِ عَظِيمَانِ، لاَ تُبَالُونَ بِأَيِّهِمَا ظَفِرْتُمْ:
أَحَدُهُمَا: التَّكَلُّمُ
بِالْبَاطِلِ، فَإِنَّمَا الْمُتَكَلِّمُ بِالْبَاطِلِ أَخٌ مِنْ إِخْوَانِكُمْ،
وَمِنْ أَكْبَرِ جُنْدِكِمْ وَأَعْوَانِكِمْ.
الثَّانِي: السُّكُوتُ عَنِ
الْحَقِّ، فَإِنَّ السَّاكِتَ عَنِ الْحَقِّ أَخٌ لَكُمْ أَخْرَسُ، كَمَا أَنَّ
الأَْوَّلَ أَخٌ نَاطِقٌ، وَرُبَّمَا كَانَ الأَْخُ الثَّانِي أَنْفَعَ
أَخَوَيْكُمْ لَكُمْ، أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ النَّاصِحِ: الْمُتَكَلِّمُ
بِالْبَاطِلِ شَيْطَانٌ نَاطِقٌ، وَالسَّاكِتُ عَنِ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ؟!
فَالرِّبَاطَ الرِّبَاطَ
عَلَى هَذَا الثَّغْرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِحَقٍّ أَوْ يُمْسِكَ عَنْ بَاطِلٍ،
وَزَيِّنُوا لَهُ التَّكَلُّمَ بِالْبَاطِلِ بِكُلِّ طَرِيقٍ، وَخَوِّفُوهُ مِنَ
التَّكَلُّمِ بِالْحَقِّ بِكُلِّ طَرِيقٍ.
وَاعْلَمُوا يَا بَنِيَّ
أَنَّ ثَغْرَ اللِّسَانِ هُوَ الَّذِي أُهْلِكُ مِنْهُ بَنِي آدَمَ، وَأَكُبُّهُمْ
مِنْهُ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ.
فَكَمْ لِي مِنْ قَتِيلٍ
وَأَسِيرٍ وَجَرِيحٍ أَخَذْتُهُ مِنْ هَذَا الثَّغْرِ؟!
****
الشرح
هذا الثَّغرُ
الثالثُ: ثَغر اللسانِ، وهذا إبليسُ يَنصح جُنده وأتباعَه أن يَشغلوا الإنسانَ
بالكلامِ البَاطل عن الكَلام الحَق؛ لأن الكلامَ الحَق يُحيِي القلبَ، ويُصَفِّي
القلبَ، ويُلقِي فيه الخوفَ والخشيةَ من اللهِ.
الصفحة 1 / 436