فإذا أشغلُوه بالباطلِ
والكلامِ السيِّئ، تأثَّر به قلبُه حتى يمرضَ، فإن نطقَ بالباطلِ فهو شَيطانٌ
ناطقٌ، وإن سكتَ عن الحَقّ فهو شَيطانٌ أخرسُ.
فيقولُ لهم: حَاوِلُوا أن
يَسكُت ولا يَتكلَّم بالحَق، وإن كانَ لا بُدَّ أن يتكلَّم اجعلُوه يتكلَّم
بالباطلِ، ولا يتكلَّم بالحَق.
وهذا هو شُغْل الشياطينِ مع
بَني آدمَ، ولذلكَ تَجِد أكثرَ الناسِ يَدعو إلى الباطلِ بأسماءٍ مُزيَّفة،
فيتكلَّم ويَكتُب ودائماً ما يَصدُر عنه إلا كَلام باطلٌ.
والكَلام البَاطل كَثير،
كالأغانِي والمُلهِيَّات، وأَهل البَاطل يُسَمُّونه فَنًّا مِن الفُنون، ويَصير
كُل حَياته مُغَنِّيًا ولا يَذكر اللهَ إلا قليلاً، أو لا يذكرُ اللهَ أصلاً.
وكذلكَ الدَّعْوَة إلى الباطلِ، وتَزيين الباطلِ للناسِ، وتَلبيسه لباسَ الغُرور بأنه تقدُّم وحَضارةٌ، وفَهْمٌ وتَنويرٌ، وإذا رَأوا فلاناً على طاعةٍ وصَلاحٍ قَالوا: ما هُو إلا بَبَّغاء يُردِّد ألفاظاً مِن القُرآن أو مِن السنَّة، أو مُقَلِّد لشيوخِه، أو هو يَحفظ فَقط ولا يَفهم ولا يُعمِل عَقله... إلى آخرِ ما يَدَّعُون.