فَصْلٌ
وَإِذَا جَمَعَ مَعَ
الدُّعَاءِ حُضُورَ الْقَلْبِ وَجَمْعِيَّتَهُ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ،
وَصَادَفَ وَقْتًا مِنْ أَوْقَاتِ الإِْجَابَةِ السِّتَّةِ - وَهِيَ: الثُّلُثُ
الأَْخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ، وَعِنْدَ الأَْذَانِ، وَبَيْنَ الأَْذَانِ
وَالإِْقَامَةِ، وَأَدْبَارُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَعِنْدَ صُعُودِ
الإِْمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى تُقْضَى الصَّلاَةُ،
وَآخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ من ذلك اليوم، وَصَادَفَ خُشُوعًا فِي الْقَلْبِ،
وَانْكِسَارًا بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ، وَذُلًّا لَهُ، وَتَضَرُّعًا، وَرِقَّةً،
وَاسْتَقْبَلَ الدَّاعِي الْقِبْلَةَ، وَكَانَ عَلَى طَهَارَةٍ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ
إِلَى اللَّهِ تعالى، وَبَدَأَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ
ثَنَّى بِالصَّلاَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ،
ثُمَّ قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ حَاجَتِهِ التَّوْبَةَ وَالاِسْتِغْفَارَ، ثُمَّ
دَخَلَ عَلَى اللَّهِ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَتَمَلَّقَهُ
وَدَعَاهُ رَغْبَةً وَرَهْبَةً، وَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ
وَتَوْحِيدِهِ، وَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ دُعَائِهِ صَدَقَةً، فَإِنَّ هَذَا
الدُّعَاءَ لاَ يَكَادُ يُرَدُّ أَبَدًا، وَلاَ سِيَّمَا إِنْ صَادَفَ
الأَْدْعِيَةَ الَّتِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا مَظَنَّةُ
الإِْجَابَةِ، أَوْ أَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِلاِسْمِ الأَْعْظَمِ.
****
الشرح
·
للدعَاء أوقاتٌ سِتَّة فيها مَظنَّة
الإجابةِ، وهي:
الأول: «الثُّلُثُ الأَْخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ»؛ لأنه وقتُ النزولِ الإلهِيّ إلى السماءِ الدنيَا، كما في قَوله صلى الله عليه وسلم : «يَنْزِلُ رَبُّنَا تبارك وتعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرِ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» ([1]).
الصفحة 1 / 436