×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 فَصْلٌ

وَأَمَّا الذُّنُوبُ الْبَهِيمِيَّةُ: فَمِثْلُ الشَّرَهِ وَالْحِرْصِ عَلَى قَضَاءِ شَهْوَةِ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ، وَمِنْهَا يَتَوَلَّدُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَأَكْلُ أَمْوَالِ الْيَتَامَى، وَالْبُخْلُ، وَالشُّحُّ، وَالْجُبْنُ، وَالْهَلَعُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.

وَهَذَا الْقِسْمُ أَكْثَرُ ذُنُوبِ الْخَلْقِ لِعَجْزِهِمْ عَنِ الذُّنُوبِ السَّبُعِيَّةِ وَالْمَلَكِيَّةِ، وَمِنْهُ يَدْخُلُونَ إِلَى سَائِرِ الأَْقْسَامِ، فَهُوَ يَجُرُّهُمْ إِلَيْهَا بِالزِّمَامِ، فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ إِلَى الذُّنُوبِ السَّبُعِيَّةِ، ثُمَّ إِلَى الشَّيْطَانِيَّةِ، ثُمَّ مُنَازَعَةِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَالشِّرْكِ فِي الْوَحْدَانِيَّةِ.

وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا حَقَّ التَّأَمُّلِ، تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الذُّنُوبَ دِهْلِيزُ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ وَمُنَازَعَةِ اللَّهِ رُبُوبِيَّتَهُ.

****

الشرح

والذُّنوبُ الشَّهْوانيَّةُ هي البَهِيْمِيَّةُ؛ لأَنَّ البهائِمَ لا يُهِمُّهَا إِلاَ أَنْ تأْكلَ وتشربَ، فالذي ما هَمُّهُ إِلاَّ أُكْلُهُ وشُرْبُهُ وشهواتُه هذا مثلُ البهائِم، قال تعالى {إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 44] ؛ لأَنَّ الأَنْعامَ ليس عليها حسابٌ، والبهائِمُ لم تُؤْمَرْ ولم تُنْهَ، وليس عليها تكاليف، وهذا مُكَلَّفٌ ومَأْمُورٌ ومَنْهِيٌ.

وقولُه: «ومِنْهُ يدخلون إِلَى سائِر الأَقْسام، فهو يَجُرُّهُمْ إِلَيْهَا باللَّمَمِ»، فالذُّنوبُ يَجُرُّ بعضُها إِلَى بعضٍ، ويُسَهِّلُ بعضُها بعضاً.

وقولُه: «دِهْلِيْز الشِّرْك والكُفْر» يعني: وسيلةً وطريقاً إِلَى الشِّرْك، فإِذَا تَعَوَّدَ الإِنْسانُ المعاصي جَرَّتْهُ إِلَى أَعْظمَ مِنْهَا، وهكذا.

***


الشرح