×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 فَصْلٌ

وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا: سُقُوطُ الْجَاهِ وَالْمَنْزِلَةِ وَالْكَرَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ خَلْقِهِ. فَإِنَّ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ، وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَطْوَعُهُمْ لَهُ، وَعَلَى قَدْرِ طَاعَةِ الْعَبْدِ تَكُونُ لَهُ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَهُ، فَإِذَا عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ سَقَطَ مِنْ عَيْنِهِ، فَأَسْقَطَهُ مِنْ قُلُوبِ عِبَادِهِ.

وَإِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ جَاهٌ عِنْدَ الْخَلْقِ وَهَانَ عَلَيْهِمْ عَامَلُوهُ عَلَى حَسْبِ ذَلِكَ، فَعَاشَ بَيْنَهُمْ أَسْوَأَ عَيْشٍ، خَامِلَ الذِّكْرِ، سَاقِطَ الْقَدْرِ، زَرِيَّ الْحَالِ، لاَ حُرْمَةَ لَهُ وَلاَ فَرَحَ لَهُ وَلاَ سُرُورَ، فَإِنَّ خُمُولَ الذِّكْرِ وَسُقُوطَ الْقَدْرِ وَالْجَاهِ مَعَهُ كُلُّ غَمٍّ وَهَمٍّ وَحَزَنٍ، وَلاَ سُرُورَ مَعَهُ وَلاَ فَرَحَ. وَأَيْنَ هَذَا الأَْلَمُ مِنْ لَذَّةِ الْمَعْصِيَةِ، لَوْلاَ سُكْرُ الشَّهْوَةِ؟!

وَمِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى الْعَبْدِ: أَنْ يَرْفَعَ لَهُ بَيْنَ الْعَالَمِينَ ذِكْرَهُ، وَيُعْلِي قَدْرَهُ، وَلِهَذَا خَصَّ أَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ مِنْ ذَلِكَ بِمَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَٱذۡكُرۡ عِبَٰدَنَآ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ أُوْلِي ٱلۡأَيۡدِي وَٱلۡأَبۡصَٰرِ ٤٥إِنَّآ أَخۡلَصۡنَٰهُم بِخَالِصَةٖ ذِكۡرَى ٱلدَّارِ ٤٦} [ص: 45، 46] . أَيْ: خَصَصْنَاهُمْ بِخِصِّيصَةٍ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْجَمِيلُ الَّذِي يُذْكَرُونَ بِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَهُوَ لِسَانُ الصِّدْقِ الَّذِي سَأَلَهُ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ، حَيْثُ قَالَ: {وَٱجۡعَل لِّي لِسَانَ صِدۡقٖ فِي ٱلۡأٓخِرِينَ} [الشُّعَرَاءِ: 84] .

وَقَالَ سبحانه وتعالى عَنْهُ وَعَنْ بَنِيهِ: {وَوَهَبۡنَا لَهُم مِّن رَّحۡمَتِنَا وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ لِسَانَ صِدۡقٍ عَلِيّٗا} [مَرْيَمَ: 50] .

وَقَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم : {وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} [الشَّرْح: 4] .


الشرح