فَصْلٌ
وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنَّ
مَنْ رَجَا شَيْئًا اسْتَلْزَمَ رَجَاؤُهُ ثَلاَثَةَ أُمُورٍ:
أَحَدُهَا: مَحَبَّةُ مَا
يَرْجُوهُ.
الثَّانِي: خَوْفُهُ مِنْ
فَوَاتِهِ.
الثَّالِثُ: سَعْيُهُ فِي
تَحْصِيلِهِ بِحَسْبِ الإِْمْكَانِ.
وَأَمَّا رَجَاءٌ لاَ
يُقَارِنُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الأَْمَانِيِّ، وَالرَّجَاءُ
شَيْءٌ وَالأَْمَانِيُّ شَيْءٌ آخَرُ، فَكُلُّ رَاجٍ خَائِفٌ، وَالسَّائِرُ عَلَى
الطَّرِيقِ إِذَا خَافَ أَسْرَعَ السَّيْرَ مَخَافَةَ الْفَوَاتِ.
****
الشرح
مَن رجَا شيئاً لا
بُدَّ له من ثلاثةِ أمورٍ:
الأول: أن يُحِبّ هذا
الشيءَ، فإذا كانَ لا يُحِبّه فإنه لا يَسعى في تَحصيله.
الثاني: أن يخافَ مِن
فَواته، فلذلك يُبادِر بطلبِه.
الثالث: أن يسعَى في
تحصيلِه.
فإذا اجتمعتْ هذه الأمُور الثلاَثة مع الرجاءِ فهو على الطرِيق الصَّحيح، «وَأَمَّا رَجَاءٌ لاَ يُقَارِنُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الأَْمَانِيِّ»، والأمانِي لا قيمةَ لها، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ» يَعني: حاسبَ نفسَه، «وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ» ([1]).أي: يُرِيد الجنةَ، ولا يَعمل أعمالاً صَالحة، ولا يترُك الأعمالَ السيِّئة.
الصفحة 1 / 436