فَصْلٌ
وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا:
أَنَّهَا تُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ دَائِرَةِ الإِْحْسَانِ، وَتَمْنَعُهُ مِنْ
ثَوَابِ الْمُحْسِنِينَ، فَإِنَّ الإِْحْسَانَ إِذَا بَاشَرَ الْقَلْبَ مَنَعَهُ
عَنِ الْمَعَاصِي، فَإِنَّ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، لَمْ يَكُنْ
كَذَلِكَ إِلاَّ لاِسْتِيلاَءِ ذِكْرِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَخَوْفِهِ وَرَجَائِهِ
عَلَى قَلْبِهِ، بِحَيْثُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ يُشَاهِدُهُ، وَذَلِكَ سَيَحُولُ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِرَادَةِ الْمَعْصِيَةِ، فَضْلاً عَنْ مُوَاقَعَتِهَا، فَإِذَا
خَرَجَ مِنْ دَائِرَةِ الإِْحْسَانِ، فَاتَهُ صُحْبَةُ رُفْقَتِهِ الْخَاصَّةِ،
وَعَيْشُهُمُ الْهَنِيءُ، وَنَعِيمُهُمُ التَّامُّ.
فَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ
خَيْرًا أَقَرَّهُ فِي دَائِرَةِ عُمُومِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ عَصَاهُ
بِالْمَعَاصِي الَّتِي تُخْرِجُهُ مِنْ دَائِرَةِ الإِْيمَانِ - كَمَا قَالَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ
مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ
يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً
ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ إِلَيْهِ فِيهَا النَّاسُ أَبْصَارَهُمْ حِينَ
يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَإِيَّاكُمْ إِيَّاكُمْ، وَالتَّوْبَةُ
مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ» ([1]) - خرج عن
دائرة الإيمان.
***