×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 فَصْلٌ

وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بَعْدَهُمْ وَالأَْئِمَّةِ، عَلَى أَنَّ مِنَ الذُّنُوبِ كَبَائِرَ وَصَغَائِرَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: { إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّ‍َٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا } [النِّسَاءِ: 31] . وَقَالَ تَعَالَى: {ٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ إِلَّا ٱللَّمَمَۚ} [النَّجْمِ: 32] .

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ».

وَهَذِهِ الأَْعْمَالُ الْمُكَفِّرَةُ لَهَا ثَلاَثُ دَرَجَاتٍ:

إِحْدَاهَا: أَنْ تَقْصُرَ عَنْ تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ؛ لِضَعْفِهَا وَضَعْفِ الإِْخْلاَصِ فِيهَا وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا، بِمَنْزِلَةِ الدَّوَاءِ الضَّعِيفِ الَّذِي يَنْقُصُ عَنْ مُقَاوَمَةِ الدَّاءِ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً.                          

الثَّانِيَةُ: أَنْ تُقَاوِمَ الصَّغَائِرَ وَلاَ تَرْتَقِيَ إِلَى تَكْفِيرِ شَيْءٍ مِنَ الْكَبَائِرِ.

الثَّالِثَةُ: أَنْ تَقْوَى عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ وَتَبْقَى فِيهَا قُوَّةٌ تُكَفَّرُ بِهَا بَعْضُ الْكَبَائِرِ. فَتَأَمَّلْ هَذَا فَإِنَّهُ يُزِيلُ عَنْكَ إِشْكَالاَتٍ كَثِيرَةً.

****

الشرح

قال اللهُ جل وعلا : { إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّ‍َٔاتِكُمۡ}، فدلَّ على أَنَّ الذُّنوبَ تنقسم إِلَى كبائِرَ وصغائِرَ، فقولُه: { نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّ‍َٔاتِكُمۡ}، هذا غيرُ الكبائِر، وقال عز وجل : {ٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ إِلَّا ٱللَّمَمَۚ}واللَّمَمُ: هو صِغارُ الذُّنوب، وقال اللهُ سبحانه وتعالى : { وَكَرَّهَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡيَانَۚ} [الحجرات: 7] ، فذكر ثلاثةَ أَنْواعٍ: الكُفْرَ والشِّرْكَ وهو أَعْظمُ الذُّنوب، والفُسُوقَ وهو من كبائِرِ الذُّنوب، والعِصْيانَ وهو صغائِرُ الذُّنوب.


الشرح