×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 فَصْلٌ

وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تَصْرِفُ الْقَلْبَ عَنْ صِحَّتِهِ وَاسْتِقَامَتِهِ إِلَى مَرَضِهِ وَانْحِرَافِهِ، فَلاَ يَزَالُ مَرِيضًا مَعْلُولاً لاَ يَنْتَفِعُ بِالأَْغْذِيَةِ الَّتِي بِهَا حَيَاتُهُ وَصَلاَحُهُ، فَإِنَّ تَأْثِيرَ الذُّنُوبِ فِي الْقُلُوبِ كَتَأْثِيرِ الأَْمْرَاضِ فِي الأَْبْدَانِ، بَلِ الذُّنُوبُ أَمْرَاضُ الْقُلُوبِ وَدَاؤُهَا، وَلاَ دَوَاءَ لَهَا إِلاَّ تَرْكُهَا.

وَقَدْ أَجْمَعَ السَّائِرُونَ إِلَى اللَّهِ أَنَّ الْقُلُوبَ لاَ تُعْطَى مُنَاهَا حَتَّى تَصِلَ إِلَى مَوْلاَهَا، وَلاَ تَصِلُ إِلَى مَوْلاَهَا حَتَّى تَكُونَ صَحِيحَةً سَلِيمَةً، وَلاَ تَكُونُ صَحِيحَةً سَلِيمَةً حَتَّى يَنْقَلِبَ دَاؤُهَا، فَيَصِيرَ نَفْسَ دَوَائِهَا، وَلاَ يَصِحُّ لَهَا ذَلِكَ إِلاَّ بِمُخَالَفَةِ هَوَاهَا، فَهَوَاهَا مَرَضُهَا، وَشِفَاؤُهَا مُخَالَفَتُهُ، فَإِنِ اسْتَحْكَمَ الْمَرَضُ قَتَلَ أَوْ كَادَ.

وَكَمَا أَنَّ مَنْ نَهَى نَفْسَهُ عَنِ الْهَوَى كَانَتِ الْجَنَّةُ مَأْوَاهُ، فَكَذَا يَكُونُ قَلْبُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فِي جَنَّةٍ عَاجِلَةٍ، لاَ يُشْبِهُ نَعِيمُ أَهْلِهَا نَعِيمًا الْبَتَّةَ، بَلِ التَّفَاوُتُ الَّذِي بَيْنَ النَّعِيمَيْنِ، كَالتَّفَاوُتِ الَّذِي بَيْنَ نَعِيمِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، وَهَذَا أَمْرٌ لاَ يُصَدِّقُ بِهِ إِلاَّ مَنْ بَاشَرَ قَلْبُهُ هَذَا وَهَذَا.

****

الشرح

ولذلكَ تَجِد العَاصي ذليلاً مُنقبضًا ولو كانَ عِنده ملذَّات الدنيَا، والأموالُ الكثيرةُ، وتَجِد صاحبَ الطاعةِ مُنبسطًا مسرورًا ولو كَان فقيرًا ليس عِنده شيءٌ مِن الدنيَا، أغناهُ اللهُ بالقُربِ مِنه، وذِكْرِه، والاستئناسِ بهِ.


الشرح