فَصْلٌ
وَلِلْمَعَاصِي مِنَ الآْثَارِ
الْقَبِيحَةِ الْمَذْمُومَةِ الْمُضِرَّةِ بِالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ فِي الدُّنْيَا
وَالآْخِرَةِ مَا لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللَّهُ.
فَمِنْهَا: حِرْمَانُ
الْعِلْمِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي الْقَلْبِ،
وَالْمَعْصِيَةُ تُطْفِئُ ذَلِكَ النُّورَ.
وَلَمَّا جَلَسَ الإِْمَامُ
الشَّافِعِيُّ بَيْنَ يَدَيْ مَالِكٍ وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ
وُفُورِ فِطْنَتِهِ، وَتَوَقُّدِ ذَكَائِهِ، وَكَمَالِ فَهْمِهِ، فَقَالَ: إِنِّي
أَرَى اللَّهَ قَدْ أَلْقَى عَلَى قَلْبِكَ نُورًا، فَلاَ تُطْفِئْهُ بِظُلْمَةِ
الْمَعْصِيَةِ ([1]).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ([2]) :
شَكَوْتُ إِلَى وَكِيعٍ
سُوءَ حِفْظِي |
|
فَأَرْشَدَنِي إِلَى تَرْكِ
الْمَعَاصِي |
|
وَقَالَ اعْلَمْ بِأَنَّ
الْعِلْمَ فَضْلٌ |
|
وَفَضْلُ اللَّهِ لاَ
يُؤْتَاهُ عَاصِي |
|
****
الشرح
لما ذكرَ الشيخُ رحمه الله آثارَ المَعاصي الكَثيرة، وتَحذير السلفِ منها؛ أجملَها في هَذه الكَلِمة، فقالَ: «وَلِلْمَعَاصِي» يعني: لها غَير ذلكَ «مِنَ الآْثَارِ الْقَبِيحَةِ الْمَذْمُومَةِ»، فآثارُها كَثيرة على القُلوب: فهي تُقسِّي القُلوب وتُعمِيها وتُمرِضها، وعلى الأبدانِ: بالأمراضِ والأسقامِ والآفاتِ، وعلى الأَوْطَان: في شُحِّ المِياه، وانحباسِ الأمطارِ، وإصابةِ الثِّمار بالآفاتِ، كما قالَ اللهُ تبارك وتعالى : {ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} [الروم: 41] .
الصفحة 1 / 436