×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

قوله: «فَمِنْهَا: حِرْمَانُ الْعِلْمِ»، بسببِ المَعاصي يُحرَم صَاحبها مِن العِلم النَّافع؛ لأن العِلم نُور، وهذا النُّور إنما يَحصُل لأهلِ الإيمانِ وأهلِ الطاعةِ، فلا يَحصُل لأهلِ المَعاصي، وإن تعلَّموا بألسنتِهم فإنهم يُحرَمون من العِلم في القُلوب؛ لأن العِلم قِسمان:

قسمٌ على الألسنةِ: وهذا يكُون مع المُنافقين وأهلِ الضَّلال، بل ويكُون مع الكُفار أيضاً.

وعلمٌ بالقُلوب: وهذا لا يُعطَاه إلا أهلُ الإيمانِ، وأهلُ اليقينِ، وأهلُ الخَشية، الذِين قالَ اللهُ عز وجل فيهم: {إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْ} [فاطر: 28] . هذا هو العِلم النَّافع.

ومن ذلكَ هذه الأبياتُ المَذكورة عن الإمامِ الشافِعِيِّ رحمه الله ، قالَ: «شَكَوْتُ إِلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي» وكيعٌ هو شَيخ من مَشايخ الإمامِ الشافِعِيِّ.

وقد كانَ رحمه الله يجلسُ يَتلقَّى العِلم على الإمامِ مالكٍ رحمه الله ، ويروِي عنه «المُوطَّأ»، فكانَ يَحفظ ما يسمعُ بسرعةٍ، وكانَ شابًّا صغيرًا، فتعجَّب منه شَيخه الإمامُ مالكٌ، فأَوْصاه بهذه الوصيَّة، وقال له: «إِنِّي أَرَى اللَّهَ قَدْ أَلْقَى عَلَى قَلْبِكَ نُورًا، فَلاَ تُطْفِئْهُ بِظُلْمَةِ الْمَعْصِيَةِ».


الشرح